Search
Close this search box.

قراءة في كتاب: (محمد باقر الصدر، حياة حافلة.. فكر خلاق) للباحث السيد محمد طاهر الحسيني

يبدأ السيد الحسيني في كتابه المهم هذا بالقسم الأول والذي أعطاه عنوان (سيرة ذاتية) دارساً فيه تأريخ أسرة آل الصدر ودخول السيد الصدر عالم الفقه وظهور النبوغ...

عن دار السلام في بيروت / لبنان وفي طبعته الثالثة في ٢٠١٠م صدر كتاب (محمد باقر الصدر، حياة حافلة…  فكر خلاق) للباحث السيد محمد طاهر الحسيني بغلاف أنيق مجلد وطباعة واضحة مقروءة، يبدأ الباحث الحسيني بمقدمة يستعرض فيها الدافع الذي حثه لتأليف الكتاب مع إشارة إلى الذين ألفوا كتباً وبحوثاً عن السيد محمد باقر الصدر موضحاً بعض الملحوظات عليها مما جعله يقرر تأليف هذا الكتاب رغم تحديات واجهها السيد الباحث الحسيني يجملها قائلاً: (ويحسن أن ألفت نظر القارئ إلى التحديات التي واجهتني في الإعداد لهذا الكتاب شأني شأن العديد من الكتاب والباحثين، بالخصوص في الموضوعات المعقدة والساخنة) ص21.

ومن ثم يشير مؤلف الكتاب إلى أهم تلك التحديات: (الهاجس الأمني: إذ أن هناك عدداً من المعطيات التاريخية كانت تتصل بحياة عدد من الشخصيات ولا يمكن الإفصاح عنها، ومن ثم الهاجس الوحدوي وثالثاً طبيعة المعطيات) ص٢٢.

ويقول الباحث في المقدمة أيضاً: (لقد استغرق الإعداد للكتاب وتأليفه مدة طويلة ربما تزيد على عشر سنوات، وذلك بغية الوقوف على أكبر قدر من المعطيات التاريخية على اختلاف مصادرها و تنوع اتجاهاتها، وقد بذلت قصارى جهدي في الوقوف على استنتاجات سليمة و منصفة وذلك عن طريق جمع المعلومات وقراءتها بعيداً عن التحيز..) ص28.

يبدأ السيد الحسيني في كتابه المهم هذا بالقسم الأول والذي أعطاه عنوان (سيرة ذاتية) دارساً فيه تأريخ أسرة آل الصدر ودخول السيد الصدر عالم الفقه وظهور النبوغ عليه، بعدها ينتقل الى حياته السياسية ويبدأ بالعمل الحزبي في حزب الدعوة الإسلامية، إذ يخوض مؤلف الكتاب في تفاصيل تأسيس الحزب والإجتماع الأول ومن حضره وأين عقد؟ .. كلها معلومات توثيقية مهمة لمن يريد الإطلاع والكتابة عن تاريخ الأحزاب الدينية في العراق، ومن ثم ينتقل الباحث الى دور الشهيد الصدر في الحزب، إذ يصنف دوره على اتجاهين: الأول: الدور الفكري والثاني: الدور التنظيمي، ويعطي لكل دور تفاصيل عما قام به السيد الشهيد الصدر من دور في الحزب، بعدها يتحدث الباحث في قضية التأسيس فيكتب من التأسيس الى الإنفصال العضوي، وبودي أن أعلق على فقرة جاء بها السيد المؤلف وهو يتحدث عن دور السيد الشهيد فيقول: (ثم تضخمت ردود الفعل ضده من جماعة براني السيد الخوئي  بتأثير السيد الروحاني ومن جماعة منتدى النشر لأسباب غير واضحة، ربما كانت لدور الدعوة في إقالة السيد هادي فياض من الجمعية لنشره مقالا لصلاح خالص وهو من أعلام الشيوعيين في مجلة (النجف) ومن الطبيعي أن يكون للشيوعيين الدور الفاعل ولكن من وراء الواجهات) ص99، ولا أدري كيف تأكد السيد الباحث من ذلك وهو يعلم أن الشيوعيين واضحون دائماً وليس لهم أكثر من وجه، ثم ينتقل الى موضوع آخر وهو احتضان الشهيد الصدر لحزب الدعوة رغم انفصاله عنه، بعدها يتحدث عن حزب الدعوة في المواجهة بتفاصيل دقيقة عن اعتقال رموز الحزب بينهم السيد الشهيد وما كان من دور الشيخ مرتضى آل ياسين في الإفراج عن السيد الشهيد، بعدها تأتي فتوى الإنفصال إذ أصدر السيد الشهيد الصدر فتوى بتحريم إنتماء طلبة العلوم الدينية إلى الأحزاب الإسلامية لأن وظيفة طالب العلم هي التبليغ والإرشاد على الطريقة المألوفة بين العلماء وكانت قد صدرت هذه الفتوى في اوائل شهر آب سنة ١٩٧٤م، وكتب المؤلف عن جماعة العلماء حديثاً صريحاً منذ التأسيس سنة ١٩٥٩م وما بعدها وما للشهيد الصدر من دور في جماعة العلماء، وكتب السيد الحسيني مؤلف الكتاب عن المرجعية تفاصيل مهمة أرجعتنا الى تلك الأيام ذاكراً أسماء المراجع الذين عاصروا الشهيد الصدر، أما القسم الثاني فقد كتب فيه المؤلف (دراسات في فكر الشهيد الصدر) وأرى أن هذا القسم أهم بكثير من القسم الأول لأن الباحث وضح فيه كل ما يدور في فكر السيد الشهيد من بحث فقهي وبحث أصولي وبحث اقتصادي وبحث فلسفي، كل يشرح عنه على انفراد صفحات وصفحات مفيدة جدا للقارئ، إذ تحدث عن وجهات نظر مختلفة لكتاب السيد الشهيد الصدر (إقتصادنا) وهذه قوة للبحث العلمي إذ أنها تحسب للمؤلف عرض وجهة نظر مختلفة، ويفصل السيد المؤلف في فقرة البحث الفلسفى عن السيد الشهيد الصدر ويقف عند الأسس المنطقية للإستقراء والذي أحدث جدالاً كثيراً بين المفكرين والكتاب وكذلك تحدث المؤلف عن السيد الشهيد الصدر مفسراً إذ أعطى للتفسير الموضوعي أهمية كبيرة في فكر السيد الشهيد، بعدها نقل تجربة السيد الشهيد وكيفية تعامله مع التاريخ وكيف وحد بين أن يكون فقيها ومؤرخاً في الوقت نفسه، ومن ثم كانت الملاحق والمصادر بعدها دليل الكتاب، والذي أدهشني سعة صدر المؤلف وصبره مدة سنين عديدة على تأليف كتاب مهم والمقابلات الكثيرة من الرموز الذين ما زالوا أحياء إضافة إلى أن هذا الكتاب ومن دون تحيز و تملق هو أهم كتاب ألف عن السيد الشهيد الصدر لحد الآن من وجهة نظرنا المتواضعة، إذ جمع فيه المؤلف حياة السيد الشهيد بقلم أديب و باحث علمي يعرف كیف يكتب فكر هذا العالم الشهيد والذي وقف له الغربيون أولاً ومن ثم عرفناه نحن، أبارك للسيد الباحث محمد طاهر الحسيني سفر هذا وأشد على يده كي يكتب أكثر وأكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *