الملخص
في 8 مارس 2025، ألغت إدارة ترامب إعفاء العراق من العقوبات المفروضة على شراء الطاقة من إيران. نتيجةً لهذا الحدث، يواجه العراق أزمة في تأمين الطاقة. ستسعى الحكومة العراقية إلى اتخاذ تدابير لمواجهة الصيف الصعب الذي يعاني من انخفاض الأمطار. كما تستعد المجموعات المعارضة لاستغلال ما يحدث، حيث يعلم الجميع أن هذه الخطوة من أمريكا ليست محاولة للاكتفاء الذاتي للعراق، بل هي نوع من الاختطاف الاقتصادي بهدف تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة.
إلغاء إعفاءات العقوبات
في 8 مارس، أكدت وكالة رويتز، نقلاً عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن إدارة ترامب ألغت إعفاء العراق من العقوبات المتعلقة بدفع ثمن الطاقة لإيران كجزء من حملة “الضغط الأقصى” التي أطلقها ترامب ضد طهران.
خلال فترة ولايته الأولى، وبعد انسحابه من الاتفاق النووي وبدء تشديد العقوبات، وبالتحديد عندما فرض العقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية في عام 2018، منح ترامب إعفاءات لعدة مشترين لتلبية احتياجات المستهلكين من الطاقة. وقد جددت إدارته وإدارة جو بايدن إعفاء العراق عدة مرات، بينما حثا بغداد على تقليل اعتمادها على الكهرباء الإيرانية.
بعد مرور 7 سنوات على تمديد الإعفاءات، أعاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الإعلان عن انتهاء هذه الإعفاءات وبدء أزمة الطاقة في العراق، حيث كرر الطلب قائلاً: “نحن نطالب حكومة العراق بأن تنهي اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أقرب وقت ممكن، لأن إيران مورد “غير موثوق” للطاقة.”
وأضاف: “إن الانتقال في قطاع الطاقة في العراق يوفر فرصاً للشركات الأمريكية، التي تعد من بين أفضل الخبراء في العالم في زيادة كفاءة محطات الطاقة، وتحسين شبكات الكهرباء، وتطوير الربط الكهربائي مع الشركاء الموثوقين.”
كما قلل المتحدث من تأثير واردات الكهرباء من إيران على شبكة الكهرباء في العراق، مشيراً إلى أنه “في عام 2023، شكلت واردات الكهرباء من إيران فقط 4% من استهلاك الكهرباء في العراق.”
نظرة على إحصائيات الطاقة الأساسية في العراق
إن ما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بشأن نسبة تأثير واردات الطاقة الإيرانية على العراق يُعتبر مجرد هراء! لأنه أشار فقط إلى واردات “الكهرباء” الإيرانية دون أن يقدم إحصائيات عن دور الغاز الإيراني. لقد كانت إيران أكبر داعم للطاقة للعراق في هذا البلد.
تحتاج العراق إلى إجمالي 25 ألف ميغاوات من الكهرباء سنوياً، في حين أن أكثر من 8 آلاف ميغاوات منها يتم تأمينها من قبل إيران؛ وهذا يعني أن ثلث الطاقة الكهربائية في العراق تأتي من الغاز الإيراني، وإن فقدان هذا المورد سيكون مميتاً للعراق.
لهذا السبب، خلال الفترة من 8 مارس إلى 10 مارس، عقد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، جلسات متتالية مع وزير الكهرباء ووزير النفط العراقي. وخلال هذه الاجتماعات، أفاد وزير النفط العراقي أنه استباقاً لقرار الحكومة الأمريكية بشأن إلغاء الإعفاءات، “قمنا بقطع واردات الغاز الإيراني إلى بغداد ومنطقة الفرات الأوسط قبل شهرين، ونحن ندير الوضع”.
كما أوضح كيفية الحصول على الإعفاءات من الولايات المتحدة، قائلاً: “كان الطرف الأمريكي يمنح الإعفاء بعد التأكد من أن العراق جاد في تنويع مصادر الطاقة، وربط شبكة الكهرباء بدول الجوار، واستخدام الغاز المحلي مع وقف حرق الغاز المصاحب”.
تركمانستان كطريق لخروج العراق من الأزمة
يعتبر المتحدث باسم وزارة الکهرباء، “أحمد موسى” أن تركمانستان هي الطريق لخروج العراق من أزمة صيف 2025، حيث تم توقيع عقود لتأمين 20 مليون متر مكعب من الغاز بين البلدين. لکن المشكلة في أن جميع خطوط أنابيب نقل الغاز من تركمانستان إلى العراق تمر عبر إيران.
خطط أخرى للحكومة العراقية
أُسندت وزارة الكهرباء العراقية بمهمة العمل بجدية خلال الأشهر المقبلة على إنتاج الطاقة الشمسية وتأمين كهرباء الدوائر الحكومية من خلال الطاقة الشمسية. وتهدف الوزارة إلى تأمين حوالي 4000 ميغاوات من الكهرباء بحلول الصيف المقبل من خلال الواح عائمة، وإنشاء محطات مدمجة للدورة المركبة، وبدء استيراد الغاز من الدول المجاورة، وإنشاء طرق لنقل الغاز إلى الخليج الفارسي.
توقعات متحدث وزارة الكهرباء
قدّر المتحدث باسم وزارة الكهرباء احتمال أن تساعدهم فترة إعفاء أمريكية واحدة أو اثنتين في تأمين الطاقة لصيف هذا العام، وإذا تحقق تنفيذ المشاريع والحصول على عدة دورات إعفاء، فسيكون العراق تدريجياً أقل اعتماداً على الغاز الإيراني.
من المهم أن نعرف أن العراق يمتلك أحد أكبر حقول الغاز في المنطقة، حيث يتم حرق حوالي 6 مليارات دولار من الغاز سنوياً في العراق بسبب عدم وجود البنية التحتية اللازمة لتشغيل الغاز. من ناحية أخرى، يستورد العراق سنوياً غازاً من إيران بقيمة 4 مليارات دولار، مما يجعل إجمالي الخسائر الناجمة عن عدم تأمين الغاز المحلي يصل إلى 10 مليارات دولار. لذلك، يُعتقد أن العراق، بعد تنفيذ قرار ترامب، سيتوجه نحو الشركات الأمريكية أو الأوروبية لتجهيز المنصات الغازية مجددًا، وسيسعى لتعزيز كفاءة استخراجه من حقوله الغازية.
موقف الإطار التنسيقي
توصلت الاجتماعات التي عُقدت ضمن الإطار التنسيقي حول إلغاء الإعفاءات إلى أن جميع مشاريع الحكومة العراقية نحو الاكتفاء الذاتي من الغاز الإيراني تحتاج إلى فترة زمنية تتراوح بين 2 إلى 4 سنوات على الأقل. فمشروعات تأمين الطاقة الشمسية، وزيادة كفاءة حقول الغاز، وإنشاء خطوط نقل الغاز، وبناء محطات مدمجة للدورة المركبة، وتفعيل المنصات العائمة لتأمين الغاز، وإبرام عقود جديدة مع دول أخرى لتأمين الغاز، وبناء البنية التحتية اللازمة للنقل، جميعها تتطلب وقتاً يتجاوز عامين.
يُعبر الإطار التنسيقي عن عزيمته في دعم جميع قرارات وإجراءات الحكومة في السعي للاكتفاء الذاتي من الغاز الإيراني غير المستدام – نتيجة العقوبات – وفي الوقت نفسه، يستمر في بذل الجهود اللازمة لتجديد الإعفاءات.
موقف المعارضة العراقية
تعتبر المعارضة العراقية أن إلغاء الإعفاءات يعد انتصاراً كبيراً لها. فهذه الأحداث، في ظل احتمال انقطاع الكهرباء المتكرر في ربيع وصيف العراق واستياء الجمهور، ستتحول إلى مورد كبير للمظاهرات ضد الحكومة العراقية، والحشد الشعبي، وإيران، دون الإشارة إلى الجهة المسؤولة عن ذلك، وهي الولايات المتحدة. الكلمة المفتاحية: “ثورة الكهرباء” ستُتابع بجدية من قبل المعارضة في الصيف المقبل.
الخاتمة
ستُواجه حكومة الولايات المتحدة العراق بمشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية مهمة. ستبذل حكومة العراق في السنوات المقبلة كل جهودها للخروج من الفضاء الاقتصادي الإيراني، حيث إن الحكومة الضعيفة في هذا البلد لن تستطيع تحمل مثل هذه الصدمات المتكررة، وسينعكس قرار الحكومة الأمريكية سلباً على العلاقات الاقتصادية والطاقة بين إيران والعراق.