تشير جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تقريبًا إلى تدهور الوضع في إسرائيل. لهذه المسألة دلالات واضحة، سأذكر بعضها.
١. انتشار الاضطرابات المدنية في الأراضي المحتلة؛ دخل الصهاينة في توترات حادة فيما بينهم ومع قادة الحكومة. وتُعدّ اشتباكاتهم في الملاجئ، واشتباكاتهم على البنزين والعراك في محطات الوقود، واشتباكاتهم على المواد البيولوجية، أو صراعهم على حصول ملاجئ أكثر أمنًا، بالإضافة إلى هروب الشباب من التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي، واحتجاجاتهم ضد قادة إسرائيل وحكامها، علامات واضحة على الاضطرابات المدنية في الأراضي المحتلة.
٢. اخفاق القبة الحديدية أصبحت القبة الحديدية، التي كانت الملاذ الآمن لسكان الأراضي المحتلة، بمثابة كارثة عليهم. تعطلت صواريخ منظومة القبة الحديدية الدفاعية بشكل كبير، وبدلًا من الصواريخ الإيرانية، تستهدف منازل سكان الأراضي المحتلة. والآن، تحتاج إسرائيل إلى منظومة دفاعية أخرى قادرة على استهداف صواريخ القبة الحديدية.
٣. الجهد المستميت لمشاركة أمريكا في الحرب كتب السيد علي جاسب الموسوي في تعليق: “إذا دخلت أمريكا الحرب، فهذا يعني أن ابنتها إسرائيل حامل!”. هذا الكلام واضحٌ جدًا ولا يحتاج إلى شرح.
٤. تعتيم مشدد وانقلاب إعلامي في إسرائيل يشكو جميع الصحفيين الموجودين في إسرائيل من سوء سلوك الجيش والشرطة الإسرائيليين، ويؤكدون: “لا نملك تصريحًا لتغطية حجم الدمار، وخاصة في المناطق الأمنية والعسكرية”. ويعني هذا أن إسرائيل تواجه ضربات أمنية وعسكرية فادحة، لكن الانقلاب الإعلامي الذي تم خلقه يمنع نشر الأخبار.
٥. زيادة عجيبة في الإصابات أفاد مسؤولو الصحة الإسرائيليون أنهم عالجوا ما يقرب من ٢٠٠٠ جريح خلال ثلاثة أيام، وأن المستشفيات الإسرائيلية تعاني من وضع حرج. وقد كان لهذا تأثير عميق على نفسية سكان الأراضي المحتلة.
٦. صواريخ أقل، أهداف أكثر ما يثير القلق البالغ هو أن إيران تُقلل من عدد الصواريخ التي تُطلقها كل ليلة، لكن هناك تقارير موثوقة تُشير إلى أن معظم الصواريخ تُصيب أهدافها. أي أنه بدلاً من إطلاق ٢٠٠ صاروخ بعشرين إصابة، تُسجل إيران ٣٠ صاروخًا بخمس عشرة إصابة، وهذا يُعزز بشكل كبير كفاءة إيران في تدمير معظم المراكز الإسرائيلية المهمة.
٧. توقيت الهجمات وأمدها بعد أيام قليلة من القتال، لم تعد إيران تقتصر على ساعات الصباح في الهجمات؛ بل إنها تشن هجمات صاروخية في أوقات مختلفة من النهار والليل، مستهدفةً مواقع بالغة الأهمية، مثل مقر الموساد في إسرائيل. وقد تسبب هذا الحادث في إغلاق شبه كامل لتل أبيب منذ أمس.
٨. قلوب واثقة، وقلوب مرتجفة بقدر ما تنتشر في إيران دعواتُ الوطنية والوحدة، وتصفية خلافات الماضي، وبدء تحالفٍ بلون الدم من أجل الوطن، فإن الوضع يختلف في إسرائيل. هنا، في إيران تلعب “الحضارة التاريخية” دورها الفريد، وتبرز جذورها الممتدة لآلاف السنين في مواجهة كيانٍ بلا جذور كإسرائيل. إن حملة “سأبقى في طهران” التي بدأت في إيران لا تُقارن بالفرار إلى قبرص على متن اليخت.
٩. غياب الدعم النفسي والمعنوي إن روح وقلب الإيرانيين مرتبطان بروح المسلمين الغيارى، الذين، من كشمير إلى بيروت، يتشوقون عندما يرون أو يسمعون اطلاق الصواريخ الإيرانية، ويدعون لإصابة أهدافها بدقة. رأينا أمهات عراقيات يرفعن أيديهن بالدعاء، عندما بدأت الصواريخ تنهمر، ويرددن من الصميم: “يا علي”. هذا الامر مفقود في اسرائيل. يعتبرهم العالم متعطشين للدماء، أوغادًا، وزومبي العالم الجديد. كل واحد منهم، صغيرهم وكبيرهم، يُعتبر قاتل أطفال وخائنًا للشرف والإنسانية. حتى باريس، التي كانت حتى الأمس ملاذًا للإسرائيليين، لم تُبدِ لهم ترحيبًا حارًا بعد استقبالها الموجة الأولى من اللاجئين الإسرائيليين، وهتفت شعارات ضدهم في المطار.


