النبذة
يُعاني نفط كردستان العراق من ظروف قانونية غير مناسبة. إن إنشاء العديد من المصافي غير القانونية في الإقليم وتهريب النفط بشكل كبير إلى مناطق مختلفة من قبل إقليم كردستان، قد حولت هذا الإقليم إلى واحدة من المناطق الأكثر تلوثاً من حيث الاقتصاد النفطي. سيتناول هذا المقال لهذا الموضوع.
تهريب النفط
يُعَدُّ إقليم كردستان العراق منطقة غنية بالموارد النفطية، مما جعله محورًا لعمليات تهريب النفط إلى دول مجاورة مثل تركيا ومن ثم إسرائيل، حيث تُقدَّر قيمة هذه العمليات بمئات الملايين من الدولارات شهريًا، وتثير تساؤلات حول الشفافية وإدارة الموارد في المنطقة.
تتم عمليات التهريب عبر مئات الشاحنات التي تنقل النفط يوميًا من مواقع قرب أربيل، مركز الإقليم، إلى تركيا شمالًا ومن ثم الى إسرائيل ،حيث تسلك هذه الشاحنات طرقًا جبلية متعرجة لتجنب نقاط التفتيش الرسمية، مما يجعل تتبعها وضبطها تحديًا كبيرًا للسلطات.
أشارت تقارير إلى تورط شخصيات نافذة في حكومة الإقليم في هذه العمليات، على سبيل المثال، كشف نائب كردي عن وثائق تتهم حكومة البارزاني بسرقة نفط حقول كركوك، مطالبًا بالتحقيق في هذه الادعاءات.
الموارد المالية
تُقدَّر العائدات الشهرية لعمليات تهريب النفط بحوالي 200 مليون دولار، مما يشكل مصدر دخل كبير للأطراف المتورطة. ومع ذلك، فإن هذه الأموال لا تدخل في خزينة الدولة، مما يحرم الاقتصاد العراقي من موارد هامة.
في عام 2023، كسب العراق قضية تحكيم دولي ضد تركيا بشأن صادرات النفط غير القانونية من إقليم كردستان عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان، أدى ذلك إلى وقف ضخ النفط الخام العراقي من هذا الخط، مما أثر على صادرات الإقليم النفطية.
أثارت هذه العمليات استياءً واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية، وطالب نواب في البرلمان العراقي باتخاذ إجراءات صارمة لوقف التهريب ومحاسبة المتورطين، مؤكدين أن هذه السرقات تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني وتزيد من معاناة المواطنين.
الجهود لفصل اقتصادي أكبر عن الحكومة المركزية
في الوقت نفسه، يبذل إقليم كردستان جهوداً شاملة للابتعاد عن الحكومة المركزية في العراق. يعتمد هذا الفصل بشكل رئيسي على الاستقلال المالي لإقليم كردستان.
ففي الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة الاتحادية بصرف الرواتب لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي داخل الإقليم، يستمر الإقليم بعمليات تهريب النفط وعدم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى بغداد، مما يفاقم التوترات السياسية والاقتصادية بين الطرفين.
تواصل الحكومة الاتحادية تخصيص مبالغ مالية لصرف رواتب موظفي الإقليم وفق الاتفاقيات السابقة، رغم عدم التزام الإقليم بتسليم إيراداته النفطية وغير النفطية وهذا الوضع يضع الحكومة الاتحادية أمام تحديات مزدوجة منها الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي الإقليم من جهة، وضمان سيادة الدولة وإدارة الموارد الوطنية بشكل عادل من جهة أخرى.
وبحسب تقارير رسمية وقرارات المحكمة الاتحادية، يستمر الإقليم في تصدير النفط بشكل غير قانوني عبر منافذ غير خاضعة لرقابة الحكومة الاتحادية، ما يحرم البلاد من عائدات كبيرة يُفترض أن تدخل الخزينة العامة إضافة إلى ذلك، تمتنع حكومة الإقليم عن تسليم إيرادات الجمارك والضرائب وغيرها من الموارد غير النفطية، مما يزيد من تعقيد العلاقة المالية بين بغداد وأربيل.
المستقبل المجهول
الخطط الاستراتيجية التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط، لقد جعلت مستقبل هذه المنطقة رهينة لعدة متغيرات. من جهة، يوفر إقليم كردستان موارد نفطية هامة للکيان الصهيوني الإسرائيلي؛ ومن جهة أخرى، تعد تركيا من أكبر مستوردي النفط من إقليم كردستان؛ كما أن الجماعات المسلحة الكردية في سوريا تستفيد أيضاً من نفط الإقليم. بالإضافة إلى ذلك، تولي إيران اهتماماً كبيراً بنفط إقليم كردستان بسبب العقوبات الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الأمر عزز الاقتصاد في إقليم كردستان بشكل شامل، لكنه أضعف الحكومة المركزية في العراق ودفعها نحو اتباع السياسات الأمريكية لتجنب الإفلاس. في الواقع، أصبح اقتصاد إقليم كردستان مركزاً مهماً للاقتصاد الاستراتيجي والأيديولوجي للقوى المتضادة في المنطقة، مما يزيد من اشتعال نيران النزاعات فيها.