حكومة فاسده وشعب جائع

حكومة فاسده وشعب جائع
تتجلّى صورة دولة عاجزة تتآكل مؤسساتها تحت وطأة الفساد والمحاصصة، وتفقد حكومتها الإرادة والرؤية، فيتراجع حضور القانون وتنهار الثقة العامة، ويُترك المواطن وحيداً في مواجهة أزمات متراكمة تهدّد مستقبل الاستقرار والإصلاح....

دولة مرتبكة ومشهد متصدّع

في مشهد سياسي يزداد ارتباكاً وتراجعاً، تبدو حكومة الفساد وكأنها انعكاس واضح لمرحلة اهتز فيها مفهوم الدولة على كل المستويات، حتى غدت معالمها مضطربة وغير مستقرة.
فالقرارات المرتجلة، وتضارب الصلاحيات، وتنازع القوى السياسية جعلت مؤسسات الحكم تظهر كجسد بلا روح، وبناء يتداعى شيئاً فشيئاً أمام ضغط المصالح المتشابكة والأجندات المتضاربة.
وبات المواطن يشعر بأنه يعيش تحت إدارة لا تمتلك القدرة على حماية المال العام، ولا تملك الإرادة الحقيقية للإصلاح أو معالجة جذور المشكلات التي تتكرر عاماً بعد آخر.
وأصبحت صورة الدولة باهتة، مترددة، غير قادرة على اتخاذ موقف حاسم يحفظ هيبتها أو يقوّي حضورها أمام تحديّات الفساد المتفاقمة، وكأنها تراقب الانهيار بصمت ثقيل لا تفسير له سوى العجز.

مؤسسات مترهلة تحت رحمة المحاصصة

إذ تحولت مؤسساتها إلى مساحات مترهلة تتنازعها المصالح الشخصية، وتنهشها شبكات المحاصصة التي باتت أقوى من القانون نفسه، وأشد تأثيراً من أي برنامج حكومي معلن.
وتحوّل العمل المؤسسي إلى ميدان صراع بين النفوذ السياسي والاقتصادي، حيث تُعطَّل المشاريع أو تُمرَّر وفق أهواء الجهات المتحكمة، لا وفق ما يتطلّبه الصالح العام أو ما يحتاجه المواطن من خدمات أساسية.
فانتشر الفساد مثل ظل ثقيل يرافق كل معاملة وكل مشروع وكل قرار، حتى أصبح الحديث عنه جزءاً من الحياة اليومية للناس، الذين يراقبون بألم كيف تتسع دائرة السرقات بينما يزداد الفقراء فقراً، ويصعد الفاسدون إلى مواقع النفوذ دون مساءلة أو رادع.
وبات المواطن يرى أن مؤسسات الدولة لم تعد حصناً يحميه، بل عبئاً يثقل حياته، بعد أن تحولت إلى بيئات خانقة تُدار بالترضيات والمحاباة لا بالقانون والكفاءة.

حكومة بلا ملامح ولا إرادة

وما زاد المشهد قتامة أن الحكومة بدت ضعيفة حدّ العجز، لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، وكأنها مجرد واجهة شكلية تمرر ما تريده مراكز القوى الحقيقية خلف الستار، بينما تغيب عن المشهد لحظة يكون المواطن بأمسّ الحاجة إليها.
وغابت هيبة الدولة، وتلاشت نشوة الوعود التي أطلقها المسؤولون في بداية تولّيهم مواقعهم، وتحوّلت تلك الوعود إلى خطاب محفوظ يردده السياسيون في كل أزمة دون خطوات عملية ملموسة.
وبقيت المعاناة هي الثابت الوحيد في يوميات المواطن الذي يبحث عن كهرباء مستقرة، ووظائف حقيقية، وخدمات صحية وتعليمية تليق ببلد يمتلك ثروات ضخمة لكنها تضيع في دهاليز الفساد وسوء التخطيط وغياب المتابعة.
وبدل أن تكون الحكومة قوة دفع نحو التغيير، أصبحت ثقلاً إضافياً يضاعف الإحباط الشعبي ويعمّق الشرخ بين المواطن والدولة.

فقدان الرؤية وانهيار الثقة

ومع مرور الوقت تتأكد صورة حكومة لا تمسك بزمام الأمور، ولا تملك رؤية اقتصادية واضحة، ولا مشروعاً إصلاحياً فعلياً يمكن البناء عليه أو الوثوق به.
تتكدس الملفات، وتتكرر الأخطاء، وتتفاقم الأزمات، بينما ينهار الشعور الجمعي بالثقة في الدولة، وتتكرّس قناعة لدى الناس بأن الأداء العام ليس سوى نتيجة طبيعية لحكومة قيدتها الحسابات الحزبية وابتلعتها شبكات النفوذ.
وبات المواطن يرى نفسه في مواجهة يومية مع واقع مرير، يزداد صعوبة يوماً بعد آخر، ويتمنى أن يستيقظ يوماً ليرى دولة قادرة على بسط القانون واستعادة ما ضاع، وإثبات هويتها كدولة فاعلة لا كظل باهت يمر فوق أزمة متجذرة دون أن يلمس جوهرها أو يعالج أسبابها العميقة.
ومع كل تراجع جديد، يتعزز الشعور بأن الدولة تقف في مفترق طرق، بين إمكانية الإصلاح الحقيقي أو الانزلاق نحو حالة فقدان شامل للثقة يصعب بعدها استعادة الاستقرار.

وبين هذا وذاك ذهب المواطن صحية الصراعات السياسية والحزبيه ..
والمواطن هو من يتحمل تلك المسؤوليه لانه انتخب الفاسد والسارق والقاتل ولم ينتخب الاصلح والقادر على اخراج العراق من دوامة الفساد..
فهل تنتهي هذه الحقبه ام ستبقى تنهش العراق كمرص ينهش الجسد حتى يصبح عاجز عن حركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *