صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة هي وزيرة الخارجية الأمريكية السوداء ،ومستشارة الأمن القومي كونليزه رايز ،وقد نجحت نظريتها ،وحصدت أمريكا ،والكيان الصهيوني من تنفيذ خطتها لتغيير مصير الدول العربية قاطبة إلا دول الخليج التي لا تريد أمريكا تغيير نظام الحكم فيها لأنها ،وبمنتهى البساطة أنظمة تمد الإدارات الأمريكية بأموال، وبشتى السبل ،والحجج الواهية تمنح هذه الدول أموالها لماما أمريكا عن يد ،وهم صاغرون .
أقتنعت الإدارات الأمريكية بعد عقود من الإستعمار الغير المباشر بنظرية المرأة السوداء لتتحول إلى الإستعمار المباشر، والتحكم بالدول عن طريق القواعد العسكرية ،والسيطرة على منابع النفط ،وتعتمد على تنفيذ خطتها بنشر الفوضى ،ودعم الحركات الإرهابية ،والحركات المتطرفة التي تدار من قبل أمريكا ،والكيان الصهيوني مستغلة انتشار الجهل ،والتخلف في الدول العربية ،والإسلامية والأوضاع الاقتصادية المتردية ،والتي يسهل الولوج إليها عن طريق الدين ،وهي تحاول تشوه وجه الاسلام الحنيف ، وتريق الدماء ،وتنشر القتل والدمار والحروب الأهلية المذهبية ،والقومية ،والتهجير ،والفساد الاداري ،ونشر فكرة التقسيم، ودعم الأقليات ،والفرق والمذاهب الإسلامية ،ومحاربة غير المسلمين، وإبادتهم، والتنكيل بهم ،والدعوة لقتل أكبر عدد من أبناء هذه الشعوب لذلك لا تستغرب من حجم الدمار الذي حل بالدول العربية، وحجم الخسائر البشرية ،والمادية في دول نفذت فيها خطة الفوضى الخلاقة ،والتي إختارت العراق كأول تجربة لهذه النظرية التي صارت مبرهنة طبقت على أرض الواقع ،ودفعت بسببها ذلك نهر من الدماء، ومئات الآلاف من الضحايا شهداء ،ومفقودين، وجرحى، ومغيبين ،ومعوقين ،وأيتام ،وأرامل ،ومهجرين ،ومهاجرين حتى كاد أن ينقسم البلد إداريا إلى ثلاث دول شيعة ،وسنة، وأكراد لو لا تغيير الخطة من قبل أمريكا نفسها لأجل مصالحها الخاصة ،فأمريكا لا تريد أن تفرط بالعراق كدولة واحدة لمواجهة الجمهورية الإسلامية، وهي تخطط لمستقبل قريب بعودة حاكم عسكري يعادي الجمهورية، فحطب الحروب يحتم على أمريكا بقاء العراق واحد موحد .
لا تظن للحظة واحدة أن دول الغرب تؤمن بالديموقراطية لغيرها ،ولا تؤمن بالحرية ،وحرية الشعوب في تقرير المصير ،فمعظم إدارات هذه الشعوب تتشبث بالفكر الاستعماري إلى الآن ،وهكذا يفكر الغرب ،وينظرون إلى العرب ،والمسلمين من تلك الزاوية ،فالعرب، والمسلمون قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة إحتلالهم ،وإبادتهم ،وإستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية ،وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور ،فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية ،والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنُّب الأخطاء ،والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية ،والإسلامية إلى وحدات عشائرية ،وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم ،أو التأثر بانفعالاتهم، وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية دون مجاملة ،ولا لين، ولا هوادة ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب، ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا، وأوروبا لتدمر الحضارة فيها.
يجب أن تفكر بعمق ،وأنت تشاهد ما يحصل حولك في بلدان مثل فلسطين ،ولبنان، وسوريا ،وليبيا ،واليمن، والسودان، ولكل بلد خطة، وسيناريو، فبعد العراق هبت رياح الخريف العربي الذي حطم دولا لن تعود أبدا كما كانت ،ولو بعد ألف سنة، فما عليك إلا أن ترمي شرارة لترى كيف يحترق تل القش كله فطببعية تلك الشعوب أنها عاطفية ،وتفكر بقلبها ،وليس بعقلها .
ها هي فلسطين دمرت بالكامل، ولن تصبح دولة يوما ما بمساعدة الأنظمة العربية ،وضغط الكيان الصهيوني ،والنظام العالمي بقيادة بريطانيا ،وأمريكا، وفرنسا، وكل الدول الداعمة للنظام اللقيط .
مخطئ من يظن أن الهدوء المؤقت التي تعيشه بعض الدول هو هدوء حقيقي، فسيأتي اليوم قريبا جدا، وتعود الحرب إلى تلك الدول، فهذه الدول ليست محصنة ومهيأة الانفجار في أي لحظة ،فبعد السودان ،وتمزيقها في حرب لن تنتهي إلا بتقسيم السودان إلى دولتين من جديد لكي يستمر تهريب الذهب إلى خارج السودان ،والسيطرة على منابع النفط من وكلاء أمريكا ،وكذا الحال في المستقبل القريب سيعود الاقتتال إلى ليبيا التي تمتلك أراضي مترامية الأطراف ،ويجب تقطيعها إلى أربع دول لسهولة التحكم بها ،وما أكثر العملاء ،والخونة الذين يضعون مصالحهم الضيقة فوق مصلحة الوطن ، ومستعدين لنهب ثروات أوطانهم، وبيعها للمحتل بأبخس الأثمان دولة مثل ليبيا وما بقية الدول عنا ببعيد .
إنتهت تنفيذ الخطة في لبنان، وتخلصت أمريكا ،والكيان الصهيوني من سلاح حزب الله ،وسكت ذاك الصوت الهادر الذي كان يؤرقهم ،وأعاد الحرية، والاستقلال، والكرامة للعرب، وتم إغتيال سيد المقاومة، وتخلصوا من كل وريث شرعي له ،فأبادوا القادة الذين يعمتد عليهم لعقود من الزمن .
السيناريو يتكرر في سوريا، ولم تنجح الخطة في التنفيذ حتى كلفها اكثر من ١٣ عاما من أجل إسقاط نظام الأسد بداعش ،وأخواتها ،وعدم تمكن بوتن تقديم الدعم لبقاء نظام الأسد ،وانسحاب الفصائل العراقية ،والإيرانية ،وباقي الفصائل من سوريا نتيجة انهيار المنظومة الدفاعية ،وانهيار الجيش السوري بالخيانة ،والتواطئ ،ودعم أمريكا ،والكيان الصهيوني ،وكثير من الدول العربية ،والأجنبية الحركات المتطرفة التي تروم السيطرة على النفط السوري ،والاقتصاد السوري .
لن تنتهي الخطة في سوريا حتى يتم تقسيم البلد إلى ثلاث دويلات دولة للسنة ،والدواعش ،ودولة للأقلية العلوية وباقي الأقليات ،ودولة تلتحق بالدروز الذي يعيشون في ظل حكم الكيان الصهيوني.
وسيستمر جريان الدم ،والإبادة للعلويين، وباقي الأقليات ،والنظام العالمي يغض الطرف عن تلك الجرائم، كما غض الطرف عن الجرائم التي ارتكبت في فلسطين ،وفي لبنان ،وفي السودان ،ومن قبل في العراق و،اليمن، وليبيا .
الفوضى الخلاقة آتت أوكلها اليوم ،وسوف تحصد نتائجها الدول الاستعمارية غدا ،فقد أغرقت هذه الدول بالديون ،وتم السيطرة على منابع النفط ،والمياه فيها ،وسيطرت سيطرة تامة على اقتصادها المترنح بواسطة صندوق النقد الدولي، وانتشر الفقر فيها ،وانتشرت المافيات ،والعصابات المنظمة ،وانتشر الأيتام الذين لن يدخلوا المدارس ،وسوف تصبح هذه الشعوب شعوب أمية تمتهن الجريمة ،وتنتشر فيها المخدرات ،وبيع الاعضاء ،والرقيق الأبيض وينتشر فيها فيها الفساد الإداري ،والمالي ،ويكون الشاغل الأوحد لهذه الشعوب المحاربة لأجل البقاء في مجتمعات رأسمالية تحكمها قلة أثرت لأنها عميلة لأنظمة خارجية ،أو أثرت نتيجة الفساد ،وعلى حساب المال العام ،وسترى آثار دمار الحرب في هذه الدول لعقود من الزمن لأن الدولة لا تمتلك أموالا لبناء ما تهدم ،أو ترميم ما تضرر لأن أنظمة هذه الدول ستكون تحت رحمة العصابات الصهيونية ،وعصابات النقد الدولي .
كل هذا لم يحدث لو كانت شعبونا متعلمة مثقفة تعرف حقوقها، وواجباتها ،وتعرف معنى أن ينخرط شباب في حركات جهادية تكفيرية تحارب نظام الحكم الفاسد .
رب ضارة نافعة ،فبعد أن إكتوت الشعوب العربية بنار الحرب الطائفية ،والقومية ،والمذهبية ربما يأتي يوم يفكر المواطن العربي بروية ،ويعرف أن أنتماءه الوطني هو الانتماء الأول ،وكل المسميات تأتي بعد هذا الإنتماء…..
وللحديث بقية .


