| الاكتفاء الذاتي عنوان كبير وعريض في قاموس النظريات الاقتصادية في مختلف مشاربها، سواء أكانت شموليةً أم رأسمالية أو مختلطة، لكونه أساس التنمية واستدامتها .
ويعد إعلان بلادنا تحقيق الاكتفاء الذاتي من البانزين والنفط الأبيض وزيت الغاز المنجز المهم والكبير في تجسيد مفهوم الاكتفاء الذاتي، وكمرتكز أساس لتحريك عناصر التنمية، لما يشكله هذا الإعلان من أهمية في مضمون الجدوى الاقتصادية في إدارة أحد مرافق إدارة الاقتصاد الرئيسة، حيث أثمرت الجهود الكبيرة في هذا المجال إصدار قرار الحكومة بإيقاف استيراد المنتجات النفطية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من البانزين وزيت الغاز (الكاز) والنفط الأبيض. تحديات المصافي الوطنية الحاليةولكن ستبقى ثمة حاجة إلى مراجعة معقولة في تحديد كفاءة المصافي النفطية، مع أهمية توفير مخازن وخزين إستراتيجي لمنتجات الطاقة لتلافي مشاكل العطلات وسد الطريق على أزمات المنتجات المفتعلة أحياناً، وكذلك فرض رقابة صارمة على نوعية المنتوج. بالمجمل يعد هذا الإنجاز الكبير مؤشرا للاستثمار الأمثل لمصادر الطاقة والحفاظ عليها من الهدر . هذا الإنجاز بجدارة يستحق الثناء والتفاخر به لما سيحققه من مكاسب جمة من توفير في العملة الصعبة فضلاً عن تنويع مصادر الدخل . وكان من المستغرب أن بلد النفط يستورد مشتقاته النفطية من الطاقة منذ العام 2003 على مدى عقدين من الزمن . كنا وما زلنا نشير في معظم مقالاتنا إلى أهمية استثمار مواردنا من خلال إنشاء وتوسيع مشاريع المصافي العملاقة، وأخيراً تم تشغيل المشاريع الجديدة بطاقة إنتاجية كفوءة وبنوعيات جيدة جداً . ولعل الجدوى الأبرز التي تظهر جراء هذا الإنجاز أن ما تحقق يفوق التصور، إذ اختزلنا عملية تصدير كميات من النفط بأسعار منخفضة ومن ثم استيراد مشتقاتها بأثمان مرتفعة، وإذا أضفنا الدعم الحكومي للمشتقات التي كانت تهدر، فلك أن تتصور حجم الفوارق التي حققها هذا المنجز الذي سيسهم في تعزيز متانة اقتصادنا الوطني . يأتي هذا المنجز على أعتاب نهاية العام 2025 وكنا قد أشرنا إلى أن الإنجاز الأبرز خلال هذا العام برؤية العراق ( 2025 – 2050 )، واليوم يأتي هذا الإنجاز وأقصد الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية ليتوج الإنجاز الأبرز بوصفه أحد أهم أسس البناء الاقتصادي لتنفيذ رؤية بلادنا في مسار التنمية المستدامة وضمان ومستقبلها. هذا الإنجاز ليس مجرد رقم بل مؤشر حقيقي على تحول الاقتصاد العراقي. الاعتماد على الإنتاج المحلي يقلل من مخاطر التقلبات العالمية للطاقة. كما أنه يفتح الباب أمام استثمارات جديدة في المصافي والبنى التحتية. وعليه، فإن تعزيز الاكتفاء الذاتي يمثل ركيزة صلبة للنمو المستدام. نرى أن هذا المنجز الكبير هو من الضرورة بمكان لا ينبغي معه أن يمر من دون التركيز على ما يشكله من أهمية كبيرة، ولاسيما من قبل وسائل الإعلام الاقتصادي، جاعلين منه شعاراً ومدعاة للفخر بمنتجنا الوطني .فهنيئاً لعراقنا ولشعبنا بخطوة أولية وبداية موفقة للتقدم والازدهار الاقتصادي. |


