Search
Close this search box.

بين ماضٍ يُنسى ومواقف تُباع: حين يصبح الإرهابي بطلاً

بين ماضٍ يُنسى ومواقف تُباع: حين يصبح الإرهابي بطلاً
المشكلة ليست في الجولاني وحده، بل في أولئك الذين تخلوا عن ذاكرتهم، وسكتوا عن ماضيه الأسود، بل حاولوا تلميعه وتقديمه كأنه رمز مقاومة...

في زمن الالتباس، باتت الحقيقة هي الضحية الأولى، وأصبحت المواقف تُفصَّل على مقاس مصالح ضيقة، لا على ثوابت وطنية أو قيم أخلاقية. نعيش اليوم مفارقة مُرَّة حين نرى بعض الشخصيات، التي لطالما ادّعت الوطنية والمبدأ، تنقلب على ذاكرتها، وتُزيّف وعي الناس، فقط لأن الحاكم تغيّر أو لأن مصدر الرزق تبدّل.

الأدهى من ذلك أن ابو محمد الجولاني، هذا الذي تلطّخت يداه بدماء العراقيين، والذي كان يقود مجموعات الإرهاب التي أحرقت مدننا، وفجّرت أحياءنا، وقتلت أبناءنا الأبرياء من الشيعة والسنة على حد سواء، أصبح فجأة في نظر البعض “مقاتلاً من أجل الحرية”، و”خصمًا للشر”، فقط لأن التوازنات السياسية والإعلامية تغيرت.

هل نسي هؤلاء أن  الجولاني مطلوب للقضاء العراقي؟ هل نسوا أن دماء الأطفال والنساء ما زالت شاهدة على أفعاله؟ كيف ينام ضمير من يمجّده اليوم، وهو بالأمس كان يصفه بما يستحق من إدانة ولعن؟

المشكلة ليست في الجولاني وحده، بل في أولئك الذين تخلوا عن ذاكرتهم، وسكتوا عن ماضيه الأسود، بل حاولوا تلميعه وتقديمه كأنه رمز مقاومة! هؤلاء لا يشبهون بغداد ولا شوارعها التي دفنت أبناءها بدموعها. لا يشبهون الأمهات الثكالى، ولا المساجد التي خُرّبت، ولا المدارس التي تحوّلت إلى أنقاض بسبب هذا الإرهابي وأمثاله.

إننا لا نلوم من غُرّر به بصدق، بل من باع صوته، وخان ضميره، وبدّل قناعاته طمعًا بمنصب أو تقرّبًا من نافذ. فالمبدأ الذي يُغيّر حسب الحاكم، ليس مبدأ، بل ورقة في مهبّ الريح.

نقولها ببساطة: “اللي ينسى الدم، ما يظل بيه خير”. ومن نسي دماء شهدائنا، وسكت عن إرهابي، وامتدحه، لا يحق له أن يتحدث عن الوطنية ولا عن الكرامة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *