الشيخ محمد الشيخ سلمان الخاقاني ابن مدينة معطاء مدينة الفقه والشعر والمنطق والسياسة، مدينة العلم والنور والآثار، مدينة أمير البلاغة والبيان الإمام علي ع، النجف الاشرف والتي كانت على مر الأزمان تؤلف اشعاعا ومنبعا اصيلا ينهل منه مثقفو العراق على مختلف الاتجاهات والمستويات، الشيخ الخاقاني مترجم سيرة هذه المدينة وحامل مشعلها وما تبقى من ذاكرتها، ان أقدم الشيخ الخاقاني أين ولد واين درس فهو الأفضل في تقديم نفسه، انه من طينة الإنسان الذي تحلو رفقته وصحبه لما يحمل من الخصال الإنسانية التي نحبها، يشهد كل من تعرف على شيخنا الخاقاني ان لباقته تسبق كلامه فيحاورك برفقة ابتسامة طبيعية وانصات متمعن في كلامك، رده غير جاهز بشكل قبلي، فإذا اختلف معك بحث عن العبارات التي لاتخدش موقفك ولاتسيئ إليك، وإذا اتفق معك صاحبت كلامه عبارة (زين) او (أحسنت)، وجدته إنسانا محبا للخير ومساعدا لمن يطلب مساعدته وكريما متسامحا، التواضع سمة لازمته طوال حياته ومازالت، فولادته كانت أنقى من الزمان، لاشك انه جيل الحرية، جيل يسطع في أفقه الشيخ المظفر المجدد والمصلح وصالح الجعفري والشيخ سلمان الخاقاني ومصطفى جمال الدين ومحمد حسين المحتصر وصالح الظالمي ومرتضى فرج الله ومحمد بحر العلوم ومحمد جعفر الكرباسي وعبد الحسين شعبان وجميل حيدر وسلام عادل وغيرهم، جيل أعطى كثيرا لهذه المدينة التي يتنفس ابناؤها الشعر كالهواء _حسب على جواد الطاهر _، وإذا كانت الاختيارات الايديولوجية تبصم شخصية الإنسان وتحجب عنه الرؤيا المتعددة والمنفتحة فإن هذه القاعدة لاتصح في حق الشيخ الخاقاني لأن شعاره هو : (انت محق فيما تدعي ولست محقا فيما تنكر بإطلاق)، بمعنى انه لايعد ان للحقيقة وجها واحدا وان النسبية اساس روح ديمقراطية الأفكار والمواقف، وأن التسامح يعطي الآخر حق التعبير عن أفكاره ومواقفه ورؤاه وان الحسم بين المختلفين تحدده قوة الحجة لا حجة القوة، هكذا وجدت الشيخ الخاقاني مقتنعا بفكره الإسلامي المتنور يحاور الآخرين من أجل اسلام مشرق متنور لامنغلق، يقولون ان المثقفين قناديل قليلة لكن نورهم يضيئ الكون بأكمله، عرفت شيخنا الخاقاني من نمط المثقفين الذين لايغيرون شطأنهم مع كل موج أو ريح عاصف ولايغيرون ألوانهم مع تغيرات الطقس والمناخ، فالمعالم لديه واضحة وان عم الضباب المكان والزمان ، كان ومازال الشيخ الخاقاني يحلم ببناء عراق ديمقراطي مدني دستوري، بعيدا عن التقسيمات المذهبية والطائفية التي غرقت البلاد بها، كل المحبة والتقدير لشيخنا الخاقاني مع العمر المديد والعافية، وكل الشكر للمكتبة الأدبية المختصة على هذا الاحتفاء.