برميل نفط مقابل برميل ماء

برميل نفط مقابل برميل ماء
يحذّر التحليل من أزمة مائية خانقة تهدد أمن العراق، إذ يكشف انخفاض الإيرادات المائية وتراجع الخزانات، ويرى أن اتفاق بغداد وأنقرة اختبار لسيادة الدولة، فإما شراكة إنقاذية أو تبعية تُكرّس معادلة "برميل نفط مقابل برميل ماء"....
  لن اقول انني من وضع هذه المعادلة الغريبة التي لا اتمنى ان تتحقق في يوم ما لانها معادلة غير منطقية تقول:اعطني برميل ماء اعطك برميل نفط.

هذه المعادلة هي وجهة نظر خبير زراعي له خبرة طويلة في مجال عمله,كما ان التقارير تشير الى مشاكل عديدة ستواجه البلاد في حال عدم معالجة مسالة الجفاف الذي اشارت وزارة الموارد المائية في بيان لها ان العام 2025 هو اسوا عام منذ 90عاما.

بيان الوزارة اعطى صورة تفصيلية وبالارقام لايرادات دجلة والفرات هذان النهران الاسطوريان اذ بلغت 27%,اما مخزون المياه في السدود والخزانات انخفض الى 8% من قدرتها التخزينية.ولن اذكر تفاصيل اكثر ذلك لان الصورة اتضحت وهي كما اظن صورة تحكي عن نفسها ولم تعد مخفية عن احد.ولعل مثل هذه التقارير تحمل في داخلها انذارا لا بد من التعامل معه بكل جدية لانه يعرض امن البلاد في السنوات القادمة الى تغييرات كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والامني.

التغير المناخي والخطر القادم

قبل ثلاثة قرون كان هناك حديث عن السيطرة على الطبيعة واستغلال مواردها لخدمة الانسان.هكذا كان الحديث آنذاك.ولم يكن يخطر ببال مثقف فرنسي كبير مثل ديكارت ان وجهة نظره الداعية الى السيطرة على الطبيعة والاستفادة ستنتهي لتحل محلها وجهة نظر اخرى مختلفة كل الاختلاف عما كان يقوله.نظرية اليوم تتحدث عن جفاف ضرب اجزاء من العالم ,وبلدنا اكثر هذه البلدان تضررا بهذا التغير المناخي.الحل هو المحافظة على ما تبقى,وايجاد حلول جذرية وسريعة لتفادي ما سيقع.واذا كنا قد سمعنا منذ سنوات سابقة عن حرب مياه قادمة فهذا يعني اننا سندخل حربا مع الطبيعة التي اسأنا معاملتها,واهملناها,وحولنا مساحاتها الخضراء الى دور سكن,وعمارات ومبان كونكريتية.

  إدارة الموارد والتحدي المصيري

اتساءل هل نعرف كيف ندير حرب الطبيعة؟

افكر هل ننتظر الى اللحظة التي تزداد فيها اعداد المهاجرين من قراهم واقضيتهم الى مدن مكتظة طلبا للماء تاركين خلفهم كل شيء.

إن توقيع اتفاقية المياه بين العراق وتركيا يوم أمس (2 نوفمبر 2025) يشكل اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة على إدارة ملفها المائي. فالاتفاق قد يخفف من أزمة الجفاف إذا حُوّل إلى شراكة سيادية حقيقية، لكنه قد يرسخ التبعية إن لم يُدار بوعي واستقلال. إنها لحظة دقيقة تختصر معادلة النفط والماء في مستقبل العراق.

لا اتخيل ان تقع نبوءة تلك المعادلة المشؤومة التي ستعطي يوما ما برميل نفط مقابل برميل ماء.هل هناك حدث درامي اكثر قسوة من هذه النبوءة؟

لا بد من حلول واقعية تعالج الوضع الداخلي والخارجي المتعلق بدول الجوار في اهم ملف على الاطلاق.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *