ترامب وبراك يتجاوزان القوانين الدولية

ترامب وبراك يتجاوزان القوانين الدولية
ينتقد النص الضغوط الأميركية لفرض وصاية إسرائيلية على لبنان عبر ما يسمى بالتسويات الأمنية، مؤكدًا أن السيادة تُصان بالمقاومة لا بالإملاءات، وأن نزع سلاحها يعني خضوع لبنان وانهيار كرامته الوطنية...

في محاولة  أمريكية دنيئة لفرض وصاية إسرائيلية على لبنان تحت تهديد القوة: “فالسيادة لا تُستورد من السفارات، ولا تُشترى بالضمانات الأميركية، بل تُصان بدماء من يدافع عن الوطن حين يهرب الساسة إلى المساومات.”

ويبدو أن الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، دخلت مرحلة جديدة من البلطجة الديبلوماسية، هدفها فرض الوصاية الإسرائيلية الكاملة على لبنان، تحت غطاء ما تسميه “التسويات الأمنية” و”الضمانات الإقليمية”.

والمبعوث الأميركي توم براك، الذي يتحدث باسم إدارة ترامب لا باسم المجتمع الدولي، تجاوز كل القوانين الدولية والأعراف الديبلوماسية حين وجّه تهديدًا مباشرًا للبنان، الدولة المحتلة جزئيًا من إسرائيل، بمزيد من الاعتداءات إن لم يرضخ ويوقّع وثيقة خضوع تُشرعن الاحتلال وتنسف مبدأ السيادة الذي كرسه الدستور واتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية.

لقد نفّذت المقاومة اللبنانية القرار 1701 بحذافيره، إذ انسحبت من جنوب الليطاني والتزمت بوقف الأعمال العسكرية، بينما واصلت إسرائيل خرق الأجواء والحدود والبحر اللبناني يوميًا في انتهاك واضح للمادتين (2) و(51) من ميثاق الأمم المتحدة. كما أن القرار 1701 لم ينص إطلاقًا على أي اتفاق مباشر بين لبنان وإسرائيل، بل أوكل مهمة التنسيق إلى قوات “اليونيفيل” التي نجحت تل أبيب اليوم بتقليص دورها لأنها توثّق خروقاتها الممنهجة وتكشف زيف ادعاءاتها الأمنية؛ فتم التجديد لهذه القوات سنة واحدة فقط لا غير.

فما يقوم به برّاك بأمر مباشر من ترامب هو إنقلاب صريح على قرارات الأمم المتحدة، ومحاولة فاضحة لإجبار لبنان على توقيع “وثيقة استسلام”، تمهّد لمرحلة التطبيع الإجباري والضم الأمني لإسرائيل ضمن ما يُسمّى “الإطار الأمني الشمالي” .

إنها سياسة التركيع بالقوة التي يتقنها ترامب، مدفوعًا باضطرابه النرجسي وجنون عظمته، الذي يجعله يتعامل مع الدول المستقلة كما يتعامل مع شركاته الخاصة، متجاهلًا أن لبنان ليس مقاطعة أميركية، بل دولة ذات سيادة وكرامة وشعب عصيّ على الإملاءات.

وإن تهديد دولة عضو في الأمم المتحدة باستخدام القوة العسكرية، يشكّل جريمة عدوان مكتملة الأركان وفق المادة (8 مكرّر) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فضلًا عن كونه خرقًا فاضحًا لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المنصوص عليه في المادة (2) من ميثاق الأمم المتحدة.

وبذلك، يصبح براك وترامب مسؤولَين شخصيًا عن كل اعتداء أو تحريض على العدوان ضد لبنان وشعبه، لأن التهديد هنا لا يعبّر عن رأي سياسي، بل عن نية عدوانية تمسّ أمن المنطقة برمّتها.

فالإملاءات الأميركية الداعية إلى نزع سلاح المقاومة؛ ليست وليدة اللحظة، بل تمتد إلى ما قبل عقد ونصف، حين حاول الرئيس سعد الحريري طرحها خلال لقائه الإمام القائد السيد علي الخامنئي في طهران. يومها، ردّ الإمام بحزم قائلاً: “لبنان مثل أزميرالدا، والمقاومة هي خنجرها، فحافظوا على الخنجر.”

بهذا الجواب أنهى الإمام أي وهم بأن الأمن اللبناني يُشترى بالرضوخ، مؤكدًا أن سلاح المقاومة هو صمام الكرامة والسيادة، لا عبء على الدولة كما يروّج الأميركيون والإسرائيليون.

واليوم، يتكرّر المشهد نفسه بوجوه مختلفة وأدوات أكثر وقاحة، لكن الرسالة تبقى واحدة: من يفرّط بخنجر المقاومة، يسلّم جسد لبنان إلى الذئاب.

ومن لم يحمِ سيادة لبنان والدفاع عن شعبه ووحدة أراضيه كما نصّ البيان الوزاري، فهو غير مؤهل سياسيًا ولا وطنيًا لمجابهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية التي تستهدف كيان الدولة وكرامة الأمة. فالدفاع عن الوطن ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب وجودي، ومن يتقاعس عن هذا الواجب يفقد حقّه في تمثيل لبنان أمام العالم.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *