المبعوث الجديد لترامب مارك سافايا: ما الهدف وما القادم؟

المبعوث الجديد لترامب مارك سافايا: ما الهدف وما القادم؟
يرى التحليل أن تعيين مارك سافايا يعكس استراتيجية أمريكية لإعادة النفوذ في العراق عبر بوابة الاقتصاد والطاقة، مستغلة الصلاحيات الواسعة للمبعوث، مما قد يهدد السيادة العراقية إن لم تُدار العلاقة بوعي وشفافية ومؤسساتية دقيقة....

المقدمة:

أثار تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرجل الأعمال مارك سافايا مبعوثًا خاصًا إلى العراق جدلاً واسعًا، لما يحمله من مؤشرات سياسية واقتصادية ترتبط بتصريحات ترامب الأخيرة عن ثروات العراق النفطية. هذا التعيين ليس إجراءً روتينيًا، بل خطوة محسوبة في سياق رؤية أمريكية جديدة تجاه العراق، تستهدف إعادة رسم العلاقة بين البلدين وفق منطق المصالح لا الشراكة.

أولاً: من هو مارك سافايا؟

مارك سافايا رجل أعمال أمريكي من أصول شرق أوسطية، برز اسمه في ولاية ميشيغان من خلال نشاطه في قطاع التجارة والخدمات والاستثمار المحلي. عرف بقربه من ترامب منذ حملته الانتخابية، وكان من أبرز الداعمين له في حشد الأصوات داخل الأقليات.

لم يعرف عن سافايا أي خبرة دبلوماسية أو سياسية، مما يجعل تعيينه مبعوثاً إلى العراق خطوة غير مألوفة تحمل أبعاداً تتجاوز الدبلوماسية التقليدية.

ثانياً: دوافع تعيينه

  1. مكافأة سياسية

يأتي تعيين سافايا كمكافأة لشخصية كانت من أنشط مؤيدي ترامب في الانتخابات، وكمؤشر على نهج الإدارة الأمريكية القائم على مكافأة الولاء السياسي بالمناصب العامة.

  1. البعد الاقتصادي

تصريحات ترامب الأخيرة بأن “العراقيون لديهم نفط كثير لا يعرفون ماذا يفعلون به”. تكشف نية واضحة لاستثمار التعيين في ملفات الطاقة والموارد الطبيعية، عبر شخصية تجارية قادرة على التفاوض بشأن العقود والمشروعات.

  1. تجاوز الدبلوماسية التقليدية

ترامب يميل إلى استخدام رجال الأعمال والمقربين لتنفيذ مهام سياسية خارج القنوات الرسمية، لتجنب التعقيدات البيروقراطية، وتحقيق مكاسب اقتصادية سريعة تصب في مصلحة الولايات المتحدة.

ثالثاً: العلاقة بين التعيين وتصريحات ترامب عن نفط العراق

التزامن بين تعيين المبعوث وتصريحات ترامب ليس مصادفة. بل هو خطوة عملية لترجمة تلك الأقوال إلى سياسات ملموسة تهدف إلى زيادة النفوذ الأمريكي في القطاع النفطي العراقي.

وقد يسعى سافايا، من موقعه الجديد، إلى الضغط لفتح الأسواق العراقية أمام الشركات الأمريكية أو تعديل العقود النفطية القائمة بما يخدم المصالح الأمريكية المباشرة.

رابعاً: صلاحيات المبعوث الخاص

المبعوث الخاص ليس موظفاً تنفيذياً، بل ممثل مباشر للرئيس الأمريكي، يتلقى توجيهاته منه دون المرور الكامل عبر وزارة الخارجية.

هذه الصلاحيات تمنحه مرونة واسعة في التفاوض والتواصل مع الأطراف العراقية، ما يجعله أداة ضغط فعالة في يد الإدارة الأمريكية لتنفيذ سياساتها خارج الأطر الدبلوماسية الرسمية.

خامساً: المخاطر المحتملة على العراق

  1. المساس بالسيادة الوطنية: قد يؤدي التعامل مع المبعوث دون ضوابط واضحة إلى تدخل مباشر في قرارات العراق الاقتصادية والسياسية، خصوصاً في مجال النفط.
  2. تفتيت الموقف الداخلي: من الممكن أن يُستغل الانقسام السياسي في العراق لتمرير صفقات أو اتفاقات غير متوازنة تحت غطاء الاستثمار.
  3. تضارب المصالح والفساد: الطابع التجاري للمبعوث يثير مخاوف من تداخل المصالح الشخصية مع المصالح الوطنية، مما يفتح الباب أمام صفقات مشبوهة أو غير شفافة.

سادساً: كيف يجب أن يتعامل العراق؟

التمسك بالقنوات الرسمية: أي تواصل مع المبعوث يجب أن يكون عبر وزارة الخارجية والسفارة الأمريكية فقط.. الشفافية في العقود: جميع الاتفاقات ينبغي أن تُعرض على البرلمان والرأي العام، وأن تُخضع لقوانين الاستثمار والمناقصات العراقية. تنويع الشراكات الدولية: لتجنب الهيمنة الأمريكية، ينبغي للعراق توسيع تعاونه مع الصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي.تعزيز الرقابة والمساءلة: متابعة أي تحرك أو تفاوض يخص الموارد الوطنية لضمان حماية المال العام والسيادة الوطنية.

سابعاً: التوقعات المستقبلية

من المتوقع أن يبدأ سافايا بتحركات تمهيدية داخل العراق، تشمل لقاءات مع رجال أعمال وشخصيات سياسية، تمهيداً لطرح مشاريع اقتصادية كبرى.

وقد يُقدَّم ذلك في الإعلام على أنه تعاون اقتصادي، بينما هدفه الحقيقي توسيع النفوذ الأمريكي في الاقتصاد العراقي، خصوصاً في قطاع النفط والطاقة.

الخاتمة:

تعيين مارك سافايا مبعوثاً إلى العراق ليس إجراءً عادياً، بل جزء من خطة أمريكية لإعادة ترتيب النفوذ في المنطقة من بوابة الاقتصاد.

وإذا لم يتعامل العراق مع هذه الخطوة بحذر وشفافية، فقد يجد نفسه أمام موجة جديدة من الضغوط التي تمسّ سيادته وموارده الوطنية.

إن الوعي السياسي والتمسك بالقرار السيادي هما السلاح الحقيقي لمواجهة أي محاولات لاستغلال ثروات العراق تحت مسميات “الشراكة” أو “الاستثمار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *