تُـعد السياسة الخارجية أحد أبرز مظاهر تفاعل الدول مع محيطها الإقليمي والدولي، وهي تكشف بوضوح طبيعة الرؤية التي تحملها الدولة تجاه قضايا الشعوب والعلاقات الدولية. وفي هذا الإطار، يبرز اختلاف جوهري بين منهجين متباينين: النهج الدبلوماسي الإيراني الإسلامي القائم على احترام الشعوب وسيادتها. والنهج الأمريكي غير الشرعي وغير الأخلاقي القائم على الضغط والإرهاب السياسي والاقتصادي والعسكري.
أولاً: مرتكزات الدبلوماسية الإيرانية الإسلامية
منذ انتصار الثورة الإسلامية عام (١٩٧٩) بقيادة إمام الأمة الراحل آية الله العظمى السيد الخميني “رضوان الله عليه”، قامت السياسة الخارجية الإيرانية على مبادئ واضحة نصّ عليها الدستور الإيراني الإسلامي، أهمها:
١- احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
٢- نصرة المستضعفين ومناهضة كل أشكال الهيمنة والاستعمار.
٣- حل النزاعات بالحوار وتفعيل الدبلوماسية بدل الخيار العسكري.
٤- التعاون المتكافئ مع الدول على أساس المصالح المشتركة والندية.
وقد انعكست هذه المبادئ في الممارسات العملية، مثل:
- دعم حق الشعب الفلسطيني المظلوم في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين.
- مساعدة العراق ولبنان وسوريا في مواجهة الإرهاب التكفيري من دون فرض وصاية سياسية.
- الانفتاح على دول آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا عبر مشاريع اقتصادية وتنموية مشتركة.
ثانياً: ملامح السياسة الأمريكية الإرهابية
على النقيض، اتسمت السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، ولا سيما في العقود الأخيرة، بمجموعة من السمات التي توصف في الأدبيات السياسية بأنها سياسة القوة والهيمنة (إرهاب):
١- العقوبات الاقتصادية:
فرض الحصار على إيران الإسلامية، كوبا، فنزويلا، وروسيا، بهدف إخضاع الشعوب عبر تجويعها وإضعافها.
٢- التدخلات العسكرية المباشرة:
كما في العراق وأفغانستان، وما نتج عنها من مئات الآلاف من الضحايا.
٣- الانقلابات والتدخلات السرية:
دعم تغييرات قسرية في حكومات أمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا وغرب آسيا بما يخدم مصالحها النفطية والأمنية.
٤- ازدواجية المعايير:
دعم الكيان الصهيوني الإرهابي عسكرياً وسياسياً رغم ممارساته العدوانية بحق الفلسطينيين، مع الاستمرار في رفع شعارات “حقوق الإنسان” الكاذبة.
ثالثاً: مقارنة بين النهجين
من حيث الوسائل إيران الإسلامية تعتمد على الحوار، التفاهم، والتعاون، بينما تعتمد الولايات المتحدة على القوة العسكرية والضغوط الاقتصادية. ومن حيث الأهداف إيران تسعى إلى حماية سيادتها ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، في حين تهدف الولايات المتحدة إلى فرض نفوذها العالمي وتأمين مصالحها الاستراتيجية. ومن حيث الشرعية الدولية الموقف الإيراني غالباً ما يتناغم مع مبادئ القانون الدولي، بينما كثير من التدخلات الأمريكية تُـعتبر خرقاً صريحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
رابعاً: إشكالية الخطاب الغربي حول الحرية
يرفع الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، شعار:
“الديمقراطية وحقوق الإنسان”
إلا أن الممارسات العملية تكشف عن تناقض واضح بين الخطاب والفعل!
الديمقراطية تُـحترم حين تخدم المصالح الأمريكية، وتُـعاقَـب الشعوب إذا اختارت مساراً مخالفاً للرؤية الأمريكية!
ومن هنا يطرح سؤال جوهري:
هل يملك دعاة الحرية في الغرب الشجاعة لتمييز الفارق بين دبلوماسية الاحترام الإيرانية وسياسة الإرهاب الأمريكية؟
إن قراءة متأنية لسياسات إيران الإسلامية والولايات المتحدة تُـظهر بوضوح أن العالم أمام نموذجين متعارضين:
نموذج يراهن على الشرعية الدولية والتواصل الحضاري، ونموذج آخر يستند إلى الهيمنة والضغط والإرهاب.
ويبقى على الرأي العام في كل مكان أن يتجاوز دعايات الإعلام الغربي ليدرك هذا التباين، ويعيد النظر في معايير الحكم على الدول وسياساتها.


