الخزانة الأميركية تضع الرافدين تحت المجهر هل يكفي النفي لإنقاذ الاقتصاد؟الجزء الثاني

الخزانة الأميركية تضع الرافدين تحت المجهر هل يكفي النفي لإنقاذ الاقتصاد؟الجزء الثاني
تكشف الزيارة أنّ النظام المصرفي العراقي يواجه ضغوطاً أميركية متصاعدة تطالب بالشفافية والإصلاح البنيوي، فيما يظل النفي الدبلوماسي عاجزاً عن تجنّب العقوبات، ما يجعل مستقبل الرافدين مرهوناً بمدى التزام العراق بمعايير الرقابة المالية الدولية....

زيارة مدير مصرف الرافدين إلى الولايات المتحدة جاءت بعد أيام فقط من نشر تقارير إعلامية أميركية – أبرزها فوكس نيوز – تتهم بنكاً عراقياً حكومياً بالتورط في تمرير مدفوعات لصالح جماعة الحوثيين.

هذا التزامن لم يكن عفوياً، بل يعكس: محاولة عراقية لامتصاص الأزمة عبر مفاوضات مباشرة مع وزارة الخزانة الأميركية.

وإدراك الحكومة العراقية أن العقوبات إذا فُرضت على مصرف الرافدين فستكون لها تداعيات كارثية على التجارة الخارجية والتحويلات المالية.

الرسائل الأميركية من وراء اللقاءات

زيارة المدير جاءت بضغط أميركي غير معلن، حيث أرادت واشنطن أن توصل رسائل واضحة:

  1. الشفافية الكاملة أو العقوبات: واشنطن تريد الاطلاع على أنظمة الامتثال والرقابة المالية داخل مصرف الرافدين.
  2. تغيير البنية المؤسسية: لا يكفي النفي الدبلوماسي؛ بل تطلب الخزانة الأميركية آليات تتبع دقيقة لحركة الأموال.
  3. التزام عراقي مباشر: حضور المدير نفسه إلى واشنطن يعكس تحميله مسؤولية شخصية ومؤسسية أمام أي خرق قادم.

إخفاقات تكشفها الزيارة

رد فعل وليس فعل استباقي: الزيارة جاءت كرد فعل على اتهامات فوكس نيوز والخزانة، لا كمبادرة إصلاحية سابقة.

ضعف التنسيق بين المؤسسات: مصرف الرافدين تحرك منفرداً، فيما غاب التناغم مع البنك المركزي ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمريل الارهاب الذي اخفق في ادارة هذه الملفات.

غياب استراتيجية تفاوضية: اللقاءات ركزت على “نفي الاتهامات” بدل عرض خطة إصلاح مصرفية تقنية تعزز الثقة.

التأثيرات المباشرة على المفاوضات

ضغط نفسي وسياسي على الوفد العراقي: واشنطن استغلت الزيارة كفرصة لتذكير العراق بضعفه في النظام المالي العالمي.

ربط الرافدين بالملف الإقليمي: الاتهامات المتعلقة بالحوثيين تجعل الرافدين تحت رقابة دولية مضاعفة، خصوصاً من OFAC.

مخاطر تعهدات قسرية: قد يُجبر الوفد العراقي على توقيع بروتوكولات التزام مشددة، تقيد حركة الأموال وتزيد كلفة العمليات التجارية.

الدبلوماسية المالية كـ”هروب للأمام

الحكومة العراقية تراهن على:

  1. الزيارات الرسمية (وزير الخارجية – مدير الرافدين) لشراء الوقت.
  2. توظيف القنوات السياسية بدلاً من إصلاح البنية الرقابية فعلياً.

لكن هذا النهج يبقى هشاً، لأن الضغوط الأميركية لن تتوقف عند الزيارات الدبلوماسية، بل ستقاس بمدى التزام العراق بمعايير FATF وOFAC.

السيناريوهات المستقبلية

  1. في حال نجاح الزيارة: يتم تجميد أي خطوات عقوبات، مقابل إلزام العراق بتقديم تقارير مالية فصلية مفصلة.
  2. في حال فشل الزيارة: احتمال إدراج مصرف الرافدين على قائمة المراقبة الخاصة، ما يهدد بقطع العلاقات مع البنوك المراسلة العالمية.
  3. سيناريو وسط: إبقاء الضغوط السياسية قائمة، مع مراقبة مشددة للتعاملات بالدولار.

زيارة مدير مصرف الرافدين إلى الولايات المتحدة تكشف أن العراق لم يعد قادراً على إدارة أزماته المصرفية من بغداد فقط؛ بل أصبح تحت الرقابة المالية المباشرة للخزانة الأميركية.

وبينما تحاول الحكومة العراقية الهروب إلى الأمام بالدبلوماسية، يبقى الحل الحقيقي في إصلاحات مصرفية عميقة، تضمن أن لا تتحول مؤسسات الدولة المالية إلى ثغرة تُستخدم ضد التجارة والاقتصاد الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *