خروج لا يحسب انتصارا: من خسر فعلا بإنسحاب “العدالة والوحدة” من “تصميم” هي البصرة

خروج لا يحسب انتصارا: من خسر فعلا بإنسحاب “العدالة والوحدة” من “تصميم” هي البصرة
خروج كتلة العدالة والوحدة من كتلة تصميم في مجلس البصرة ليس مجرد خلاف سياسي، بل خطوة تؤثر في استقرار المحافظة وتضعف الثقة العامة، مما يفتح المجال أمام الأحزاب الخارجية لإعادة الهيمنة على البصرة....

لم يكن خروج كتلة العدالة والوحدة بقيادة عامر الفايز من كتلة تصميم داخل مجلس محافظة البصرة حدثا عاديا يمكن التعامل معه كخلاف سياسي عابر أو اختلاف في وجهات النظر بل جاء كخطوة ذات تبعات أعمق تمس المشهد السياسي المحلي واستقرار إدارة المحافظة وتثير تساؤلات جدية حول من هو الخاسر الحقيقي من هذا القرار.

خلافا لما يروج له البعض فإن هذا الانسحاب لا يمثل خسارة لمحافظ البصرة أسعد العيداني ولا لكتلة تصميم بقدر ما يمثل خسارة واضحة للبصرة أولا ثم خسارة سياسية وأخلاقية للكتلة المنسحبة نفسها. فالبصرة التي اختارت مشروعا محليا لإدارة شؤونها بعيدا عن هيمنة أحزاب بغداد وجدت نفسها مجددا أمام مشهد إعادة فتح الأبواب أمامها للعودة إلى تقاسم المناصب والموارد تحت عناوين جديدة لكن بعقلية قديمة.

إن أخطر ما في هذا الخروج لا يكمن في عدد المقاعد أو الحسابات داخل مجلس المحافظة بل في الرسالة التي يبعث بها إلى الشارع البصري رسالة مفادها أن العهود السياسية لا تزال هشة وأن التحالفات يمكن نقضها عند أول اختبار وهذا ما يضع كتلة العدالة والوحدة في موضع تساؤل مشروع بشأن مدى التزامها بتعهداتها ويدخلها في دائرة عدم الثقة وهي دائرة يصعب الخروج منها في مدينة خبرت طويلا خيبات النخب السياسية.

الشارع البصري الذي أنهكته أزمات الماء والكهرباء والبطالة والسكن لا ينظر إلى هذه التحركات بوصفها ممارسة ديمقراطية صحية بل يراها استمرارا لسلسلة من الخيانات السياسية التي دفعت المدينة أثمانها وحدها فحين تفكك التحالفات المحلية التي تشكلت بإسم البصرة ومصالحها، فإن النتيجة الطبيعية هي إضعاف القرار المحلي وفتح المجال أمام قوى خارجية لإدارة المحافظة بعقلية المحاصصة وتقاسم الغنائم.

وبينما قد يعتقد البعض أن الخروج من تصميم يمنحهم مساحة حركة أوسع أو مكاسب سياسية آنية إلا أن الواقع يشير إلى أن الخسارة الأكبر تكمن في فقدان ثقة الجمهور وهي الخسارة التي لا تعوضها المناصب ولا الصفقات المؤقتة فالتاريخ السياسي للبصرة يؤكد أن من يخذل المدينة مرة يصعب عليه إقناعها مجددا.

وفي استطلاع خاص ينظر كثير من أبناء بني عامر إلى هذا الانسحاب على أنه نكث بالتعهدات التي قطعت للناخبين فالقائمة صعدت بأصوات الشارع البصري على أساس برنامج مشترك ثم غادرت دون تفويض شعبي أو مبررات مقنعة للرأي العام.

وانهم يرون أن هذه الخطوة ألحقت ضررا بالثقة الاجتماعية والسياسية وليس فقط بالكتلة المنسحبة بل بتمثيل المكوّن الاجتماعي نفسه إذ ظهر وكأنه جزء من لعبة مصالح لا من مشروع خدمة حقيقي.

ومن جهة اخرى إن الانسحاب لم يقنع الشارع بأنه خطوة إصلاحية أو مبدئية بل فسر على نطاق واسع كتحرك سياسي ضيق الحسابات دفع ثمنه التحالف والبصرة معا قبل أن يدفعه من اتخذ القرار نفسه .

في المحصلة لم يكن هذا الانسحاب انتصارا سياسيا بقدر ما كان خطوة أربكت المشهد وأضعفت الجبهة المحلية ومنحت أحزاب بغداد فرصة جديدة للعودة إلى التحكم بمصير البصرة ، وبين حسابات السياسة وضغوط الواقع يبقى السؤال الأهم: من يدفع الثمن؟ والجواب للأسف هو البصرة وأبناؤها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *