تقرير التنمية البشرية 2025

تقرير التنمية البشرية 2025
يعرض التقرير مسار التنمية في العراق خلال عقد مليء بالأزمات، ويبرز التحسّن الهش في مؤشرات التنمية، والتفاوتات الجغرافية والنوعية، ويدعو إلى عقد اجتماعي جديد وإصلاحات شاملة لتحقيق تنمية مستدامة بحلول 2035....

يقدّم التقرير الوطني للتنمية البشرية 2025 الذي أُطلق  مؤخرا، رؤية شاملة لمسار التنمية في العراق خلال أكثر من عقد، وهو عقد اتسم باضطرابات أمنية واقتصادية وصدمات متلاحقة أثّرت بعمق في قدرات الدولة وفي رفاه المواطنين، فمنذ عام 2010، خاض  العراق  حربا وجودية ضد الإرهاب وما خلفته تلك الحرب من تداعيات اقتصادية واجتماعية حادة، ثم واجه انهيار أسعار النفط، وجائحة كورونا، وما نتج عنها من تعطّل اقتصادي واسع النطاق، وتراجع في الخدمات الأساسية، وتزايد البطالة والفقر، ورغم ذلك، سجّل دليل التنمية البشرية ارتفاعاً من 0.623 إلى 0.712، وهو تحسن ملموس لكنه هش، يعتمد في جزء كبير منه على العوائد النفطية وليس على تحولات إنتاجية حقيقية في الاقتصاد.

ويكشف التقرير عن تفاوتات تنموية واسعة بين المحافظات؛ فمحافظات مثل المثنى وميسان ما تزال تعاني ضعف البنى التحتية وفرص العمل، فيما حققت بغداد والبصرة وإقليم كردستان مراكز أعلى بفضل موارد أفضل واستقرار نسبي، ويبرز التقرير أيضاً فجوة النوع الاجتماعي باعتبارها أحد أكبر التحديات التنموية، إذ ما تزال النساء يواجهن قيوداً في التعليم والعمل والصحة، ما يحدّ من مساهمتهن الاقتصادية ويكلف الدولة طاقات بشرية معطّلة.

أما على مستوى العقد الاجتماعي، فيشير التقرير إلى أن النموذج التقليدي القائم على ريعية الدولة وتقديم الخدمات مقابل الولاء السياسي لم يعد قادراً على تلبية احتياجات مجتمع شاب واسع التطلعات، فقد كشفت احتجاجات 2011 و2019 خللاً عميقاً في الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وهو خلل ارتبط بضعف المشاركة، وبطء العدالة، وتراجع جودة الخدمات، لذا يدعو التقرير إلى بلورة عقد اجتماعي جديد يقوم على المواطنة، والشفافية، والمساءلة، والمشاركة، والتنمية المستندة إلى الحقوق والواجبات، بما يعزز قدرة الدولة على التخطيط، ويهيئ بيئة اقتصادية قادرة على خلق فرص العمل وتحفيز القطاع الخاص.

وفي ضوء هذه القراءة، تبدو آفاق الوصول إلى مستوى “التنمية البشرية العالية جداً” بحلول عام 2035 ممكنة نظرياً، لكنها مشروطة بإصلاحات اقتصادية جوهرية، أبرزها تنويع الاقتصاد، وتمكين المرأة، وتحسين التعليم والصحة، وتطوير الإدارة العامة، وتفعيل اللامركزية، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، فالتنمية ليست معادلة تقنية، بل مشروع مجتمعي يقوم على التنمية الشاملة والحوكمة الرشيدة واستدامة الموارد.

ملاحظة: التقرير لم يكن حكوميا، انما رسم صورة عن واقع التنمية البشرية في العراق ووضعها على طاولة الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *