من خطوط نير دفوري الحُمر، إلى سيناريوهات ميخائيل ميلشتاين… لماذا أصبح العدوان الإسرائيلي على لبنان مسألة وقت؟‼‼

من خطوط نير دفوري الحُمر، إلى سيناريوهات ميخائيل ميلشتاين… لماذا أصبح العدوان الإسرائيلي على لبنان مسألة وقت؟‼‼
تتصاعد المؤشرات في إسرائيل نحو اعتبار المواجهة مع لبنان ضرورة استراتيجية، مع تهيئة داخلية وإعلامية للعدوان، في ظل تعافي حزب الله وتآكل الردع، وتزايد نفوذ ترامب في القرار الأمني، ما يجعل توقيت الحرب مرتبطًا بإذن واشنطن...

عاد الخطاب الإسرائيلي في الساعات الأخيرة إلى لهجة التهديد المباشر، بعدما أعلن مراسل القناة 12 نير دفوري أن حزب الله تجاوز خطًا جديدًا من الخطوط الحمر، مؤكدًا أن إسرائيل “جاهزة لرد غير متناسب”. ورغم غياب أي تفاصيل حول هذا “الخط”، إلا أن هذا النوع من الإشارات عادة ما يُستخدم في تل أبيب لتهيئة الداخل الإسرائيلي وخلق بيئة تقبل بخطوة عسكرية كبيرة تحت عنوان “الرد الاضطراري”. ما يعني أن هدف الرسالة سياسي – نفسي أكثر منه توصيفًا لحادثة ميدانية محددة.

وتتعمق المؤشرات أكثر عند قراءة مقال ميخائيل ميلشتاين في يديعوت أحرونوت، وهو أحد أهم العقول الأمنية التي تُستشار قبل اتخاذ أي قرار استراتيجي.

فميلشتاين، الذي شغل مواقع حساسة في “أمان” ويرأس اليوم منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان، اعتبر أن حزب الله – “بعد عام من ضربة قاسية” – عاد إلى التعافي بوتيرة “مقلقة” لإسرائيل، مستندًا إلى ضخّ نحو مليار دولار من التمويل الإيراني، وإلى ضعف الدولة اللبنانية التي وصفها بعبارته المتعجرفة “دولة يحكمها ديناصورات”، وإلى أن سلسلة الاغتيالات (340 ناشطًا) لم تُحدث الفارق المطلوب في ميزان القوة.

ويعترف ميلشتاين بأن بُنية حزب الله العسكرية ــ وخاصة الصاروخية ــ بقيت متماسكة، وأن الأمين العام يرفض أي نقاش حول التخلي عن عناصر قوة المقاومة. وهذا بحد ذاته، بالنسبة لصنّاع القرار في تل أبيب، إشارة إلى أن الردع لم يعد قائمًا، وأن الاستمرار على هذا النحو يُبقي إسرائيل في موقع التلقي لا المبادرة.

لذلك يصبح كلامه بمثابة “الفذلكة النظرية” التي تبرّر العودة إلى الخيار العسكري، خصوصًا في ظل الحاجة الداخلية الإسرائيلية لإنجاز نوعي بعد عام من الإخفاقات.

وعند وضع تحذير دفوري إلى جانب تقييم ميلشتاين، يتشكّل مشهد إسرائيلي يتجه إلى خلاصة واحدة: “أن الحرب المفتوحة مع لبنان لم تعد مجرد إحتمال، بل تحوّلت إلى ضرورة إستراتيجية داخل إسرائيل، يجري تجهيزها سياسيًا وإعلاميًا، بانتظار الإذن النهائي من واشنطن. ومع تمدّد نفوذ دونالد ترامب في القرار الأمني الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة، وإعادة ترتيب مسرح العمليات وفق مصالحه الانتخابية، تبدو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وكأنها دخلت مرحلة التحضير الأخير للعدوان، منتظرة فقط اللحظة التي يقرر فيها ترامب أن الوقت مناسب.

وفي الخلاصة،  فتصريحات دفوري وتحليلات ميلشتاين، وإطلاق إسرائيل النار على قوات اليونيفيل أمس؛ ليست أحداثًا متفرّقة، بل أجزاء من سيناريو واحد يجري دفعه إلى الأمام: خلق بيئة ذهنية في إسرائيل تُبرّر عدوانًا مفاجئًا على لبنان دون سابق إنذار، تحت شعار إعادة الردع واستعادة المبادرة.

ومع تفويض ترامب المتزايد، وغياب أي كوابح داخلية لدى الحكومة الإسرائيلية، يصبح السؤال ليس: هل ستقع الحرب؟ بل: متى سيصدر القرار من واشنطن؟ وهكذا يتحوّل لبنان إلى ساحة اختبار جديدة، يدفع فيها العدو نحو مغامرة عدوانية ستغيّر شكل المنطقة في ظل تطبيق حلم نتنياهو ب “إسرائيل الكبرى” ومسار الصراع، ومهما حاول تسويقها كـ«رد غير متناسب».

وإنَّ غدًا لناظره قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *