عن مقاطعة الصدر للانتخابات النيابية

عن مقاطعة الصدر للانتخابات النيابية
مقاطعة الصدر للانتخابات كشفت عمق أزمة النظام السياسي العراقي، وفرضت مراجعة شاملة لمبادئه، مع إبراز أهمية مكافحة الفساد، وأعادت تشكيل التوازنات الداخلية، ومهّدت لمرحلة وعي شعبي وسياسي جديد...
الاسباب التي طرحها سماحة السيد مقتدى الصدر لمقاطعة الانتخابات النيابية حقيقية ومقدسة لدرجة أن أغلب الكتل السياسية المتبارية في السباق الانتخابي ترفعها شعاراً لحملتها الانتخابية، ومنها : طرد الفاسدين وانهاء التبعية للخارج ومحاسبة سراق المال العام وغير ذلك من الأسباب.

السؤال المهم لمن يوجهون دعوتهم للصدريين للعودة في العلن ويكتمون فرحهم بتلك المقاطعة، لماذا لم تعملوا لرفع تلك الاسباب مبكراً ما دمتم تتبنونها في شعاراتكم للتمهيد لعودة الكتلة الصدرية التي كان وجودها مهماً وفاعلا في جلسات مجلس النواب العراقي كلها

تداعيات الانقسام داخل النظام

ماذا سيحصل لو جلستم بينكم وتدارستم تلك الاسباب، واتفقتم على إزالتها من المشهد السياسي المعقد قبل أن يشهد المزيد من التداعيات والانهيارات، خصوصاً بعد أن انتقلت الخلافات من خارجية إلى بينية، خلاف سني / سني، وشيعي / شيعي، وكردي / كردي.

غياب الصدر وتأثير المستقبل

النظام السياسي فقد نصف شرعيته، بعد مقاطعة المرجع الأعلى في النجف السيد علي السيستاني، لكبار لاعبيه، ومقاطعةٍ له وللاعبيه من قبل الصدر، اللاعب الاساسي وصاحب أجمل الاهداف في المشهد السياسي العراقي بعد 2003.

النظام السياسي الذي يستغني عن المخلصين والوطنيين والنبلاء والشرفاء ويستبدلهم بمن يجيدون مسح الأكتاف تمهيداً لأكلها.

النظام السياسي الذي بدأ يتخلى عن مبادئه وقيمه وشعاراته بعد أن تحسس الخوف من الحاضر والقادم دون أن يبرر ذلك لإتباعه ومريديه.

النظام السياسي الذي أغلق أسماعه لسنوات عن النصح والرأي، معتبراً كل من يختلف معه خارجاً عن العقيدة ومارقاً عن الخط .

دعوة الصدر للمشاركة في الانتخابات لا تتم عبر وسائل الإعلام لإسقاط الواجب اذا صح التعبير، إنما بتعليق كتل سياسية كبيرة سنية وشيعية وكردية مشاركتها بالانتخابات لحين عدول الصدر عن المقاطعة، أو أن يركب أربعة من قادة الاطار التنسيقي مع قيادات وطنية اخرى، عجلاتهم المصفحة ويقصدون الحنانة قبل التفكير بخوض الانتخابات لاقناع الصدر بإزالة كل الاسباب التي منعته من المشاركة بالانتخابات حتى لو اقتضى الأمر أن يعتصموا أمام منزله.

المقاطعة التي أعلنها الصدر تمثل لحظة مفصلية في التاريخ السياسي العراقي، إذ تعبّر عن رفض عميق لثقافة الفساد والمحاصصة. هذا الموقف أعاد تشكيل ميزان القوى داخل النظام السياسي، وفرض على الأطراف الأخرى مراجعة حساباتها. إنها ليست انسحاباً، بل إعلان لميلاد مرحلة جديدة من الوعي الشعبي والسياسي في العراق.

ابتعاد الصدر عن المشهد السياسي سيجعله الوريث الوطني للنظام السياسي الشيعي في المستقبل، خصوصا وان ما قام به من تحركات لاسيما اطلاق اسم التيار الوطني الشيعي على تياره وانسحابه من المشهد السياسي، يشي بانه القائد الوحيد الذي نأى بعباءته عن حرائق بغداد الحالية والقادمة والعمامة الوحيدة التي لم تتسخ بغبار قصور بغداد ورائحة مؤامراتها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *