في الشأن العراقي…

في الشأن العراقي...
تستعمل الولايات المتحدة أدوات مالية وقانونية للضغط على العراق، ما يضعف إدارة الموارد ويهدّد الاستقرار، والحلّ يتطلّب دبلوماسية نشطة، تنويع شركاء، شفافية مالية، ومقاومة اقتصادية قانونية تحمي السيادة....

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية بين الحين والآخر من استخدم أسلحة جديدة عصرية ضد العراق والدول المجاورة معه لم تكن معروفة سابقا وأكثرها فتكا بالاقتصاد وتخرج قراراتها من إحدى الوزارات التابعة لوزارة الحرب الأمريكية وهي وزارة الخزانة ولها تأثير على الأنظمة المالية المرتبطة بها تحت عنوان حماية الأموال. ظهر جلياً بعد حرب الاثني عشر يوما تعبير مزدوج بين (الضغوطات القصوى) وعقوبات أخرى (سناب باك). وبالرغم من اشتداد وطيس الحملات الانتخابية — وهو الحدث الأكبر في العراق — تقصف مسامعنا بين الحين والآخر ومن نفس المصدر (البيت الأبيض) إطلاق عدد من قنابر دخانية لتشتيت صداها والتملص بين زوايا نظر جديدة ليست بعيدة المدى عن أنظار المنظومة السياسية بعدما تسببت في إيقاف قانون الحشد الشعبي من بين أيدي السلطة التشريعية وإضافة فصائل المقاومة العراقية على قائمة الإرهاب العالمي، وبنفس الأسلوب قيام هذا المكون من حماية العراق وإبعاد خطر داعش عنه بواسطة الدم ووقوفهم على خط المصادمة الأمامي من أرض الحرام.

آليات الضغط المالي وأثرها على السيادة الاقتصادية

العقوبات المالية ليست مجرد قوائم أسماء وحظرٍ مصرفي؛ بل هي أدوات اقتصادية استراتيجية تصمم لإحداث شلل في قدرة الدولة على إدارة مواردها. حين تُجمد أرصدة أو تُقيّد معاملات بنوك مركزية، يتقلّص هامش المناورة للدولة في تمويل الخدمات الأساسية، ودفع الرواتب، وسداد الالتزامات الخارجية. العراق الذي يعتمد إيراداته بدرجة عالية على النفط يواجه هنا معادلة صعبة: إما تقنين الإنفاق إلى حدٍّ يطال الخدمات، أو الاقتراض بشروط مرهقة تزيد عبء الديون على الأجيال القادمة.

(سناب باك) ونموذج الدفع مقابل النفط: تداعيات بعيدة المدى

خيار تفعيل آلية (سناب باك) أو نمط الدفع الإلكتروني بالسلع (التسديد مقابل النفط) يضع البلد أمام التزامات تاريخية تقاس بعقود وليس بسنوات. كثير من الدول التي تحملت أعباء ديون قد استغرقت عقوداً لإعادتها، وفي هذه الحالة تكون قدرة الدولة على الاستثمار والتنمية محدودة للغاية. كذلك، تقنين الصادرات أو استخدامها كضمانات لسداد ديون يضعف الاحتياطي النقدي ويعرض العملة المحلية لضغوط تضخمية، ما ينعكس مباشرة على معيشة المواطن.

الحرب الاقتصادية من بوابة التشويه السياسي والضغوط الانتخابية

لا يمكن فصل هذه الضغوط عن المناخ السياسي الداخلي؛ فالتوقيت المتكرر لإطلاق تهديدات عقابية أو إشارات تحذيرية يعيد إنتاج تأثير نفسي وسياسي يستهدف إضعاف ثقة الجمهور في مؤسساته. في أجواء حملات انتخابية محتدمة، تصبح هذه الرسائل أداة ضغط لإجبار الأطراف السياسية على مواقف مسبقة أو تنازلات استراتيجية. لذلك فإن الحرب الاقتصادية ليست فقط بنودًا مالية، بل هي ساحة لاستخلاص مكاسب سياسية وإعادة تشكيل خرائط النفوذ.

المسار الوطني للمواجهة: اقتصاد مرن ودبلوماسية فعّالة

المواجهة لا تكون بردودٍ نارية من النوع نفسه، بل عبر استراتيجية وطنية تجمع بين خطط اقتصادية مرنة ودبلوماسية نشطة. أولاً، تنويع الشركاء الاقتصاديين والاتجاه نحو أسواق بديلة وتقوية العلاقات المصرفية الإقليمية يمكن أن يخفف من حدة العزل المالي. ثانياً، الشفافية في إدارة الموارد وفتح ملفات المحاسبة يقللان من الذريعة الدولية لفرض عقوبات تستند إلى اتهامات بالفساد أو سوء الإدارة. ثالثاً، بناء تحالفات سياسية ودبلوماسية تُفرغ من مفعول العقوبات عبر الضغوط المتبادلة يحجم قدرة فرضها على المساس بالجهاز المالي للبلد.

حماية الاقتصاد الوطني دون الخوض في أساليب ممنوعة

من المهم هنا التأكيد أن أي خطة وطنية للمواجهة يجب أن تبقى في إطار الشرعية الدولية والقانون، بعيداً عن ممارسات قد تجرّ الدولة إلى مزيد من العزلة أو تُعرضها لمسارات قانونية دولية. الحلول التقنية أو المصرفية التي تحمي السيادة الاقتصادية ينبغي أن تكون شفافة وقابلة للمساءلة، فلا نريد أن نستبدل قيداً بقيدٍ آخر.

خاتمة مؤقتة لكنها حازمة

على كل حال نفهم جيداً أن المؤشرات تحتاج إلى قلوب مؤمنة ورجال شجعان من الطراز الأول في إعلان الهجوم المقابل بخطط رصينة تسهم بإيقاف ترامب وزبانيته ومنعهم من الوصول إلى أرض الوطن لأنها ملغمة بإرادة رجاله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *