إدراج فصائل عراقية على لوائح الإرهاب: الدلالات والانعكاسات

إدراج فصائل عراقية على لوائح الإرهاب: الدلالات والانعكاسات
أدرجت الولايات المتحدة أربع فصائل عراقية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لتعزيز الضغوط القانونية والاقتصادية، مع تأثيرات سياسية وإقليمية ودولية، وتأكيد الحاجة إلى سيادة عراقية فعّالة لمنع استغلال القوى الخارجية واستقرار الوضع الداخلي....

أعلنت الولايات المتحدة في السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2025 إدراج أربع فصائل عراقية على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)، وهي: حركة النجباء، كتائب الإمام علي، كتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء.

هذه الخطوة تمثل تصعيداً نوعياً، حيث كانت بعض هذه الفصائل مدرجة سابقاً تحت تصنيفات عقوبات مالية (SDGT)، لكن تصنيفها كـ”منظمات إرهابية” يوسّع نطاق الإجراءات القانونية والاقتصادية ضدها، ويمنح واشنطن أدوات إضافية للتحرك ضدها.

الأسباب والدوافع

تستند واشنطن في هذه الخطوة إلى اتهامات بارتباط هذه الفصائل بإيران، وضلوعها في هجمات استهدفت المصالح الأميركية وقوات التحالف في العراق وسوريا، كما ترى الإدارة الأميركية أنّ هذه الفصائل تعيق جهود ترسيخ سيادة الدولة العراقية وتعمل خارج الأطر الرسمية.

التداعيات القانونية والاقتصادية

١. تجميد الأصول المالية لهذه الفصائل أينما وُجدت.

٢. حظر أي تعاملات تجارية أو مالية معها من قبل شركات أو أفراد.

٣. اعتبار أي دعم مادي أو لوجستي لها جريمة بموجب القانون الأميركي.

الانعكاسات السياسية

على العراق داخلياً: سيزيد الضغط على الحكومة العراقية حول كيفية معالجة هذا الموضوع، وقد يفتح سجالاً داخلياً بين القوى السياسية، خصوصاً أنّ أغلب هذه القوى لها امتدادات برلمانية وشعبية ومشاركة بقوة في الانتخابات البرلمانية القادمة.

إقليمياً: يعمّق التوتر مع إيران التي تعتبر هذه الفصائل جزءاً من محور المقاومة وأن هذه الخطوة هي استهداف مباشر لشبكة نفوذها في المنطقة.

دولياً: يُعيد تأكيد التزام واشنطن بسياسة تطويق نفوذ محور المقاومة في المنطقة، ويمهّد لإجراءات إضافية قد تشمل عقوبات أوسع أو حتى ضربات محدودة ضد أشخاص ومواقع تابعة لهذه الفصائل.

إسرائيل: المستفيد غير المعلن

لا يمكن إغفال البعد الإسرائيلي من هذا القرار، فالكثير من هذه الفصائل العراقية ترتبط بخطوط دعم لوجستي وسياسي مع حزب الله اللبناني وحركة حماس، وهما خصمان رئيسيان لإسرائيل، وإدراج هذه الفصائل على لوائح الإرهاب يسهّل لإسرائيل تبرير أي عمليات عسكرية أو استخباراتية تستهدف مواقع عسكرية وسياسية لهذه الفصائل داخل العراق.

كما أنّ هذا التصنيف يمنح تل أبيب غطاءً سياسياً أوسع في المحافل الدولية، إذ تستطيع تسويق روايتها عن “وحدة الجبهات” المدعومة من إيران، وتبرير سياساتها الأمنية باعتبارها جزءاً من المعركة العالمية ضد الإرهاب، وبذلك تجد إسرائيل نفسها من أبرز المستفيدين من هذه الخطوة الأميركية، سواء على مستوى الأمن المباشر أو الشرعية الدولية.

خطوة الإدراج الأخيرة لا تبدو منفصلة عن مسار أوسع تعمل عليه واشنطن منذ أشهر: عزل الفصائل التي ترى انها قريبة من إيران عن مؤسسات الدولة العراقية، ومنعها من الاستفادة من موارد مالية أو غطاء سياسي دولي.

ومع ذلك، فإنّ هذه الإجراءات قد تحمل مخاطر عكسية، إذ قد تدفع هذه الفصائل إلى مزيد من التشدد والتقارب مع طهران ومواجهة التغطرس الأمريكي_الإسرائيلي في المنطقة.

الحل الأمثل يظلّ مرهوناً بقدرة العراق على تبنّي مشروع سيادي داخلي يعيد هيكلة العلاقة بين الدولة وهذه الفصائل، ويمنع القوى الخارجية من استغلال حالة الانقسام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *