حال المسلمين اليوم هو من صاغ عنوان هذا المقال ،مصداق واحد يغني عن الكثير مفاده تقاعس مليار ونصف مسلم عن الالتفاف حول قضية مصيرية واضحة المعالم مضمخًة بالألم بشتى اشكاله واصنافه (اقصد غزة) .
في لحظة صمت تخترق صخب العالم الرقمي، وفي ذكرى شهادة من أنقذ البشرية من عبودية الإنسان، ومن حول بؤرة الحضارة عربيا من الشعر الى الوحي ومن الوحي الى منظومة إنسانية متكاملة ، نعود لنسأل أنفسنا بلا مواربة:
هل كان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مجرد رسول من السماء ومصلح ديني؟ أم كان مشروعًا إنسانيًا عالميًا غُيّب في زحام القشور والشعارات؟
صدارة الزعيم السماوي
ولماذا يتصدر “الزعيم السماوي” كل مشهد أخلاقي وإنساني حقيقي في ذاكرة شرفاء العالم، بينما تخلفت عنه أمته، وانشغلت عنه بـ”فلسفات مادية” و”حروب مذهبية” و”اهتمامات سطحية”؟
لقد جاء النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) برسالة عالمية لم تُخاطب العرب وحدهم، ولا المسلمين فقط، بل الإنسانية جمعاء. ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ، لكنّ العالم الذي يُقدّر جوهر هذه الرحمة، ليس بالضرورة هو العالم الإسلامي ، الغرب نفسه، بشرفائه ومفكريه، لا ترامبه وماكرونه ولا جحافل الحكام الاتباع من العرب ،من قرأ عظمة هذا العظيم السماوي بإنصاف؛ من توماس كارلايل إلى مايكل هارت مرورا بويل ديورانت مع آخرين كثر ، وجدوا فيه أعظم من قاد أمة نحو التحرر والعدالة ، فكيف نُفسّر أن من لا يؤمن بنبوته يرى عظمته، ومن يؤمن به لا يقتفي أثره؟لحد هذه اللحظة لا يدرك المسلمون أن مورد الخيانة تجاه النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لا يكمن في ترك الصلاة أو الصيام (ولا شك في وجوبها)، بل في تحويل الرسالة من مشروع حضاري إلى طقوس شكلية وقشور جامدة،ويطيب لي أن اذكر قول النبي ص (البلاهة أدنى للخلاص من فطانة بتراء) فعندما تفرغ امة الاسلام الصلاة من جوهرها وتضيع بوصلتها، حينها تتحول أمته إلى جمهور مذهبي ممزق، يُدافع عن الأسماء والرايات، وينسى جوهر الرسالة ، وبدلا أن نبني عالمًا عادلاً باسم محمدنا صلوات ربي وسلامه عليه، بنينا جماعات مغلقة، تتناحر على الفروع وتنسى الأصول ، ففي الوقت الذي يتعرض فيه الإسلام المقاوم للتشويه، يتصدر هذا الزعيم السماوي كقائد للمستضعفين، ورافع لراية العدالة ، فلسنا بحاجة إلى مزيدٍ من المسلمين بالهوية، بل إلى مزيدٍ من المحمديين بالنهج والرؤية ،فقد امتلأت الساحة بأسماء تدّعي الإسلام، لكنها بعيدة عن جوهر الرسالة التي جاء بها النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) رسالة العدالة، والكرامة، والتحرر من الطغيان،
المسلم القشري
فالمسلم القشري لا يعي هذه الحقيقة لذا هو لا يبني أمة، ولا يواجه استكبارًا، ولا يحفظ عهد النبوة،
فالمحمدية ليست شعارًا، بل طريق استقامة وشهادة ومقاومة ،ومن لم يحمل همّ المشروع المحمدي فهو لم يعرفه بعد، مهما كثرت شعائره ومناسباته.

