من مميزات الكتابة العلمية أنّها تعتمد الصدق والأمانة العلمية، والإحاطة بالموضوع ، والقراءة الصحيحة للنصوص، ومراعاة آداب الكتابة واستخدام اللغة الرصينة وغير ذلك . لقد أرسل لي أحد الأساتذة الأفاضل؛ مقالاً تحت عنوان: ( المرجعية واغتصاب الأطفال الإناث في العراق) للمدعو ( د. هادي العبيدي)! تناول فيه بشكل مبتسر وانتقائي موضوع زواج الإناث في سن التاسعة، واستهدف فيه مرجعية الإمام السيستاني ( حفظه الله)،وكان عليه أن يلم بأطراف الموضوع مثل تعريف البلوغ في اللغة والعرف ، والفقه الإسلامي ( عند الشيعة والسنة )، ثم يذهب إلى فتاوي الشيعة، ومن ثم يأتي إلى ما قاله المرجع السيستاني في كل الجزئيات التي تتعلق بالمرأة، ومنها زواج البالغة، ومواضع الإبتلاء ومستحدثات المسائل في الموضوع، وبعد ذلك يصدر رأيه سلباً أو ايجاباً، لكن ما لاحظته في هذه المقالة ( الساندويچیه) المتحاملة؛ أنّها متطفلة على العلم وأهله، وتستعجل النتائج .
المرجع السيستاني( حفظه الله ) له ملايين الأتباع والمريدين، لكن( الدكتور المحترم) لم يلتفت إلى مشاعرهم، واستخدم ألفاظاً مبتذلة؛ مثل: « الدور القذر للمرجعية ، الموقف المخزي للسيستاني، المرجعية المسخ و..و..الخ .»!
يا دكتور يقولون إنّ : (الكلام صفة المتكلم ).
لا أريد أن أكرر عرض مقالة هذا الشخص وإسفافه!، لكن أقول له : إنّ السيد السيستاني هو حافظ كرامة الإنسان، وحامي الطفولة، ولولاه لكانت نسائنا ونسائكم وأبنائنا وأبنائكم تباع من قبل داعش في أسواق النخاسة، وأن مرجعيتنا دفعت أموالاً طائلة لتحرير وانقاذ الأهالي والأطفال من براثن أولئك الأوباش .
على سبيل الإحتجاج يا دكتور؛ يبدو لي أنّ عليك أن تتناطح مع الإخوة أهل السنة حول رواية السيدة عائشة التي ينقلها البخاري في صحيحه ـ قبل أن تأتي لضرب صخرة السيد السيستاني ـ ، وهي تقول: ( تزوجني رسول الله وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين).
نعم في الفقه الإمامي، يعتبر بلوغ الفتاة سن التاسعة علامة على البلوغ الشرعي، ويعاملها منذ سن مبكرة باحترام ويكرمها ببلوغ الأحكام الشرعية ، والسيد السيستاني يشدد على أن الزواج يجب أن يكون في مصلحة الفتاة ويراعى نضجها الجسمي والنفسي وهو يقول: لا يناسب تزويج الصغيرات عادةً، وينبغي مراعاة النضج العقلي والنفسي والاجتماعي للفتاة، ولو كانت بالغة شرعاً، فإنّ ذلك من حسن المعاشرة ومن مقاصد الشريعة.
نعم لا ينكر إمكان تزويج البنت البالغة تسع سنين من حيث الصحة الفقهية للعقد مع توفر الرضا والإذن وشروط العقد . إنّ البلوغ الشرعي هو الميزان وتصبح مكلفة شرعاً بالصلاة والصوم وسائر الأحكام .إنّ مجرد البلوغ الفقهي وحده ليس كافياً لتزويج الفتاة، ما لم تكن قادرة نفسياً وبدنياً على مسؤولية الحياة الزوجية .
يا دكتور! : إن فقهائنا لايجيزون التزويج من القاصرات ولا يجيزون التزويج من الفتاة إذا كان فيه ضرر عليها، ولو كانت بالغة. كما أنّهم يشترطون رضاها ووعيها الكامل، ويحرمون الزواج إذا سبب ضرراً نفسياً أو جسدياً أو اجتماعياً.
لا أدري لماذا ذهب ذهنك الفرويدي نحو القاصرات ورفعت معولك على المرجعية؟! هل توجد في خبايا نفسك قصة عن القاصرات بقي أثرها في دخيلتك، ووجدتَّ متنفساً عنها في هذا الموضوع ؟!
هل تعلم أن المرجعية التي سللت سيفك عليها تُحرّم النظر واللمس حتى للطفلة إذا كان بتلذذ جنسي، وتُحرم على الرجل النظر الى بدَن المرأة الأجنبية وشعرها ما عدا الوجه والكفّين مِن بدنها فإنّه يجوز له النظر إليهما من غير تلذّذٍ جنسي..
وتعال معي واعطني أدلة وأرقام عن زواج القاصرات في العراق واغتصاب الطفولة فيه، واذهب إلى السجلات المدنية واعمل مسح وقدّم لنا الأرقام، واذكر لنا الأسماء والتواريخ، لأنني اعتقد أن كلامك عبارة عن ظاهرة صوتية ( خِلَّب) ليس إلاّ.
يا هذا: إذا كان عندك فائض من الغيرة والشرف؛ فاذهب إلى أعلام المثلية المرفوعة على هامة السفارات الأجنبية في بغداد، وإذا كانت لديك شهامة وشرف فاذهب إلى الملاهي الليلة وحفلاتها الحمراء واصرخ ضد التحلل والعري …
إنّ هذه المرجعية عفيفة عفة ذاتية، وشريفة شرفاً أصيلاً ، ولأجل ذلك هي تدافع عن أطفال العراق، وأطفال فلسطين؛ بل وأطفال المسلمين، وأنّها تتعامل معهم باحترام واكبار لشخصيتهم ببلوغهم التكليف والمسؤولية .