التقاعد المؤجل… ومعاناة العراقي بين بيروقراطية الوزارات وعجز الدولة عن احترام موظفيها

التقاعد المؤجل… ومعاناة العراقي بين بيروقراطية الوزارات وعجز الدولة عن احترام موظفيها
يروي النص معاناة متقاعد عراقي يُحرم حقوقه بسبب البيروقراطية والروتين، منتقدًا غياب الأتمتة وتأخر صرف المستحقات، ويعتبر ذلك نموذجًا لمعاناة آلاف المتقاعدين، مطالبًا بإصلاح جذري يحفظ الكرامة ويحقق العدالة الإدارية...

منذ ثلاثة أشهر، والسيد (مظلوم منسي فزع )

يدور في حلقةٍ بيروقراطية لا تنتهي، بعد أن أحيل إلى التقاعد من وزارة الصحة.قبل ثلاثة اشهر وهو يعاني بين مكتب الموظفين لاتمام معاملتة التقاعدية ، الرجل لم يستلم حتى اليوم مبلغ الإجازات المتراكمة التي تنتظر مزاج السيد المسؤول عن التوقيع، ولا منحة نهاية الخدمة التي يفترض أن تُصرف فور اتمامة لمعاملته التقاعدية، ولا أي جزء من حقوقه التي يمكن أن يسدّ بها فجوة ما بين قطع راتبه الوظيفي واستحقاق راتبه التقاعدي.

لكن قصة (مظلوم) ليست سوى نافذة صغيرة على أزمة أكبر:

لماذا تتأخر معاملات التقاعد في العراق بهذه الصورة المذلة التي تفوق كل منطق؟ ولماذا يمرّ الموظف بجملة متاهات لكي يستلم حقوقًا هي ملكه أساسًا؟

(مظلوم،) الذي يعاني أمراضًا متعددة استنزفت ما تبقى من أمواله لان متطلبات المعيشة لاتتوقف او تنتظر برودة موظف او مسؤول ليوقع ، ويكافح المرض المزمن لابنته، وجد نفسه عاجزًا أمام مشهد لا يرحم:

أدوية غالية، مستشفيات أهلية لا ترى في المريض سوى مصدر ربح، وصيدليات تتحكم بالأسعار بلا رقيب. كل ذلك يحدث بينما حقوقه المالية مكدّسة على مكاتب الموظفين، تنتظر تواقيع لا تنتهي.

وليس سرًا أن وزارتنا  ودوائرنا  تتجسّد فيها البيروقراطية  بكل صورها.

المعاملات تسير ببطء شديد، الأوراق تتنقل من مكتب إلى آخر، والمسؤول غالبًا مشغول أو “في اجتماع”، والموظف المتقاعد يظلّ واقفًا بين الممرات ينتظر بصبرٍ لا طائل منه. وكما قال مظلوم (لقمة الشبعان على الجوعان بطيئة)

أين الحوكمة الإلكترونية التي وعدتنا بها الحكومات؟

كل حكومة تأتي وتعلن الحوكمة، وتعد بتبسيط إجراءات التقاعد، وتقليص مدتها إلى أيام معدودة.

كل وزارة تمتلك أجهزة حاسوب حديثة، وشبكات إنترنت تُستقطع اشتراكاتها شهريًا من جيوب الموظفين، وموظفين تلقّوا عشرات الدورات في استخدام البرامج.

ومع ذلك…

ما زال المتقاعد العراقي يركض بورقة بعد أخرى، وكأننا في دولة لا تعرف معنى الأتمتة. وياويلك ان اختفت ورقة من اضبارتك الوظيفيه قد تكلفك خدمتك لسنيين طوال !!!

فهل المشكلة في القوانين؟

أم في الوزارات التي لا تريد التغيير؟

أم في الموظفين الذين تعوّد بعضهم على أسلوب “دع المعاملة تنتظر”؟

أم في عقل إداري يرفض أن يفكّر خارج إطار الأختام والملفات الورقية؟

الإهانة ليست حالة فردية… إنها نظام

في دول العالم، لا يراجع الموظف أي دائرة عند إحالته إلى التقاعد.

يصل كتاب الإحالة تلقائيًا إلى مؤسسة التقاعد، تُحتسب الإجازات والمنحة ونهاية الخدمة إلكترونيًا، ويُسلّم المبلغ خلال أيام.

بل هناك دول تقيم حفل تكريم للموظف، ويستلم فيه مكافأته وهداياه، وفي اليوم التالي يُرسل له كارت الراتب التقاعدي.

أما هنا، فالإهانة أصبحت “عرفًا إداريًا”.

وكأن الدولة تقول لموظفيها:

“خدمتمونا سنوات طويلة… والآن دوركم لتذوقوا مرارة الانتظار.”

ولكن حتى موظف التقاعد نفسه لن ينجو من هذا الروتين وهذه الالم والمعاناة والذله  عندما يحال في يومٍ ما إلى التقاعد.

مظلوم واحد… وآلاف مظلومين

قصة مظلوم منسي فزع ليست الأولى ولا الأخيرة.

هي نموذج لما يعيشه آلاف المتقاعدين الذين رهنت الدولة حقوقهم بين تواقيع وإجراءات ودوائر متباطئة.

وما لم تُفتح ملفات التقاعد، والإجازات المتراكمة، والمنحة ، والأتمتة المفقودة، ويبادر من بيده القرار إلى إصلاح جذري…

فستبقى هذه القصص تتكرر، وسيبقى المواطن العراقي أسيرًا لبيروقراطيةٍ لا ترحم ولا تعرف معنى الكرامة. فلماذا يذل الانسان نفسة؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *