منذ فترة ليست بقليلة توّلدت عندي قناعات بدأت تترّسخ يوما بعد آخر، هذه القناعات تتعلّق بمجمل العملية السياسية والديمقراطية في ظل النظام السياسي الحالي. ولا شّك بعد مرور اثنين وعشرين عاما على هذه العملية السياسية وما رافقها من أحداث وأزمات وفساد وضياع للأموال وانقسام مجتمعي وانتشار للجريمة المنظمة والانحطاط الأخلاقي وتفشي البطالة وغيرها من الآفات المجتمعية التي ابتلى بها المجتمع العراقي، كانتشار المخدرات والدعارة بشكل لم يسبقه المجتمع العراقي حتى في أشدّ الأيام ظلاما وقسوة وإجراما وديكتاتورية.
هذه القناعات التي توّلدت عند عامة أبناء الشعب العراقي بعد هذه التجربة المريرة، قد انعكست عند العراقيين مرّة على شكل فوضى وخروج على النظام والقانون، ومرّة على شكل مقاطعة سلبية للعملية السياسية والديمقراطية، وكلاهما لم ينتج عنهما تغيير أو إصلاح حقيقي. فالقوى السياسية التي أدارت هذه العملية السياسية هي نفسها باقية وتتصدّر العملية الانتخابية اليوم، وبذات الوجوه التي قادت هذه العملية السياسية خلال السنوات الماضية.
بارقة أمل بدأت تنمو عند قطاعات وشرائح اجتماعيّة مختلفة برحيل هذه الطبقة السياسية من داخل العملية الانتخابية نفسها، وحين نقول الطبقة السياسية فنعني بقولنا الأحزاب والقوى السياسية التي توّلت الحكم بعد سقوط النظام الديكتاتوري عام 2003.
بارقة الأمل هذه تتمثّل بشخص رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني نفسه، والذي يبدو أنّه هو الآخر قد اقتنع بأنّ الإصلاح والتغيير والسير في عملية الإصلاح والبناء لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال العملية الانتخابية والاشتراك بالتصويت. وقد آن الأوان لجماهير الشعب أن تهبّ لصناديق الاقتراع كي لا تترك الساحة السياسية لقوى الفساد والفشل بالعودة مرة أخرى والتحكم بالمشهد السياسي القادم.
وعي شعبي متنامٍ يرفض التكرار
من الملاحظ أنّ شرائح واسعة من المجتمع بدأت تدرك أن استمرار المقاطعة يعني بقاء ذات الوجوه التي أثقلت كاهل الدولة وأضاعت فرص التقدم. وهذا الوعي الجديد آخذ في التشكّل، مدفوعًا بتجارب مريرة وواقع معاش لم يعد يُحتمل، خصوصًا مع تنامي الشعور بأنّ التغيير هذه المرة لن يكون مجرد تبديل أسماء، بل تحوّلًا في طبيعة التفكير السياسي والإداري، إذا ما توفّرت الإرادة الشعبية الصادقة والإقبال الحقيقي على صناديق الاقتراع.
وحينها فقط، سيكتب الشعب العراقي فصلاً جديداً من تاريخه السياسي بإرادته الحرة، لا بإرادة القوى المتسلطة. وسيكون ذلك بداية عهدٍ جديد، تُستعاد فيه الدولة وتُبنى على أسس العدالة والكرامة الوطنية.
وربّ سائل يسأل: وكيف يمكن أن يتحقق هذا السيناريو وهذه القوى السياسية الفاشلة والفاسدة لا زالت تحكم بقبضتها على مكونات الشعب العراقي؟ ومن الذي سيضمن أنّ هذه البارقة من الأمل التي تجسدت في شخص السوداني ستنجح في تحقيق هذا الأمل المنشود؟
أنا رأيي الشخصي: نعم، من الممكن أن يتحقق هذا البصيص من الأمل إذا ما ألغيت المقاطعة للانتخابات وتوجه المقاطعون لصناديق الاقتراع وأزاحوا هذه القوى السياسية الفاشلة والفاسدة من خلال العملية الانتخابية، فحينها ستكون عملية التغيير والإصلاح حتمية وممكنة.
 
															 
								 
															


 
								 
								 
								 
								 
								 
								 
								 
								 
								