الحياة السياسية والاجتماعية، كسائر ميادين الحياة، تُعرَف فيها المواقف بالنوايا، والأفراد بتوجهاتهم وأعمالهم، لا بالخطابات والشعارات. واليوم، في عالمٍ تمزّقه المصالح وتملؤه الصراعات، بات السؤال الأكبر الذي يواجه الإنسان الشريف والمؤمن بقضيته … من يرضى عنك؟ ومن يهاجمك؟
لجنة الخبثاء: معيار الحقائق
عندما نطرح فكرة وجود لجنة مكوّنة من أخبث الناس وأحقرهم، كرموز الناصبية، الوهابية ومن يحمل إرث الأمويين ومعهم الصهاينة، فإن ذلك يعكس معيارًا فريدًا لقياس المواقف. هذه اللجنة لا تحابي ولا تنحاز إلا لما يخدم شرّها ومصالحها، وبالتالي، فإن مَن ينال رضاها فهو بلا شك أقرب لفسادها، ومَن يثير غضبها فهو بعيد عن نهجها …
هؤلاء القوم الذين رفعوا راية الباطل عبر التاريخ، وأسّسوا لمنهج الظلم والطغيان، يعرفون تمامًا من يقف ضدهم ومن ينحني لمخططاتهم. وهنا، لا يقتصر رضاهم على مَن يهاجم المقاومة أو يُثير الشبهات ضدها، بل يمتد ليشمل من يقف على الحياد ويتخذ موقف النأي بالنفس، وكأن هذه القضية لا تعنيه .
الحياد خيانة مبطنة
إن الوقوف على الحياد في معركة الحق والباطل ليس موقفًا متوازنًا كما يدّعي أصحابه، بل هو خيانة صامتة تسرّ قلوب أعداء الحق. فمَن يدعو إلى النأي بالنفس أمام قضايا الأمة الكبرى لا يختلف كثيرًا عن الذي يهاجم المقاومة علنًا، لأن كلاهما يمنح الباطل مساحة للحركة والتوسع .
هذه اللجنة المكونة من الناصبية والوهابية والبعثيين والأمويين، تعرف أن الحياد يُضعف المقاومة ويقوّي شوكتهم. لذلك، فإن كل مَن يتخذ موقف الحياد يدعو، من دون وعي ربما، إلى إراحة الباطل ومنحه الوقت لإحكام قبضته على الأمة .
العميل والذيل: كاشف الأقنعة
ليس من الصعب أن تكتشف من هو العميل والذيل حين ترى من يهرع لإرضاء لجنة الخبثاء هذه، سواء كان ذلك عبر مهاجمة المقاومة أو عبر التظاهر بالحياد. إنه ذاك الذي يسعى لأن يكون صوتًا لهم، لا ضدهم، فيكون أداة بيدهم لتحقيق مصالحهم، بشكل مباشر أو غير مباشر.
أما المؤمن، فهو ذاك الذي يقف شامخًا، يرفض الخضوع للإملاءات، ويدافع عن قضيته رغم محاولات الطعن والتشويه. إنه لا يهاب أن يقول كلمة الحق حتى لو كانت على حسابه، وحتى لو أغضبت هذه اللجنة وكل من يمثلها .
الحق لا يُقاس برضا الناس .
في النهاية، يبقى معيار الشرف والنظافة الإنسانية هو الموقف، لا الشعار. فالحق لا يُقاس برضا الناس أو سخطهم، بل بالثبات عليه، وبالاستعداد لدفع ثمنه .
من يرضى عنك يكشف هويتك؛ فإذا كان رضاه قائمًا على موقف نبيل وشريف، فأنت في المسار الصحيح. أما إذا كان رضاه ثمرة تنازل أو خيانة، فلا عجب أن تكون في صفوف من باعوا ضمائرهم .
الحياد ليس عذرًا
إن كان الوقوف في صف المقاومة يتطلب الشجاعة، فإن الوقوف على الحياد يتطلب جبنًا وقصر نظر. فالحياد، مهما بدى للبعض حكمة أو بعدًا عن الصراع، هو في جوهره خدمة لأعداء الأمة وفرصة تمنحهم المزيد من الوقت والفرص لتمرير مخططاتهم …
مَن يخشى أن يغضب الخبثاء؟
اليوم، وفي كل صراع، يقف الإنسان أمام اختبار عظيم: هل يختار طريق المقاومة والنضال عن الحق، أم يتراجع ليُرضي من لا يؤمن إلا بمصالحه؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج لجلسات طويلة أو حجج معقدة، بل هي واضحة وضوح الشمس: قل لي من يرضى عنك، أقل لك من أنت .