هل يُعدُّ ترشيحُ الفاسدِ وانتخابه… عمالةً وإعانةً للعدو؟

هل يُعدُّ ترشيحُ الفاسدِ وانتخابه... عمالةً وإعانةً للعدو؟
يحذر النص من استغلال الانتخابات لإيصال الفاسدين وضعفاء الكفاءة، مما يهدد المقاومة ويخدم الأعداء عبر آليات ديمقراطية. يؤكد ضرورة اختيار الأكفأ ورفض الفاسدين، معتبراً دعمهم خيانة دينية ووطنية، ودعوة للانهيار الداخلي...
تُشكّلُ الانتخابات إحدى المنافذِ والمحاورِ التي يتسلل منها العدوُّ في حربهِ ،لإخضاع الدولِ والمجتمعات وحركات المقاومة، ضمنَ استراتيجية الحربِ الناعمةِ التي يتقنُها لتحقيقِ السيطرةِ على القرارِ السياسيِّ لأيِّ جماعة أو دولة، دونَ الحاجةِ للغزوِ العسكريِّ ويمكن للعدوِّ تحقيق أهدافه بعد فوز المرشحين الذين يدعمهم، أو الضعفاء، أو من يُطلقُ عليهم اسمُ “المقاولينَ”، والذين سيبادرون إلى توقيع اتفاقيات أمنية مع أمريكا أو أيِّ عدوٍّ محتلٍ تحتَ ذريعة الدفاعِ المشترك، وإقامة القواعد العسكرية على نفقةِ النظامِ الذي عيّنتْهُ أمريكا، والنظام الذي ننتخبُهُ طواعية أو بشراء الأصواتِ أو خوفًا.

تبادرُ التنظيمات والأحزاب إلى التنبيه، بأنَّ عدم انتخابِ مرشحيهم، يُعدُّ طعنًا في المقاومة ومساعدةً للعدوِّ، ومخالفة  للحكم الشرعيِّ ويمكنُ القول إنَّ هذا الطرحَ قد يكون صحيحًا في بعضِ جوانبه، لأنَّ مقاطعة الانتخابات من قِبَلِ المجتمع المُقاومِ وأنصارِهِ سيفتح الطريق أمام القوى الأخرى لحشد أصواتِها، وانتخاب أعداء المقاومةِ الواضحين وهذا يصبُّ في مصلحةِ العدوِّ والخصوم، ويُعتبرُ مساعدة وإعانة للعدوِّ سواء بقصد أو دون قصد، كما أنَّه يضع المُقاطع، أو الذي لا ينتخب هؤلاءِ المرشحين، في شبهة “العمالة” غيرِ المباشرةِ للعدوِّ، وبشكلٍ مجاني، ودونَ قصد في أكثرِ الأحيان والسبب في ذلك هو الاعتراض والاحتجاج على إصرارِ الأحزابِ على ترشيحِ الفاسدين والمقصرين الذين يفتقرون للكفاءة، في حين يتوفرُ الأكفأُ والأكثرُ صلاحًا داخل تنظيماتِهم وأحزابِهم ويتم تغييبهم دون مبرر!.

لكنَّ السؤال العكسيَّ … أليسَ ترشيح الفاسد والدعوة لإنتخابه (رغمَ وجود الأكفّاء والأقلِّ فسادًا) وصرف الأموال الشرعية لأجله ، عمالةً وإعانة للعدو ومخالفة شرعية؟

إنَّ وصول نواب ووزراء وموظفين يُمثلون المجتمع المقاوم، ولكنَّهُم مُتَّهمون بالفسادِ أو أنَّهُم مُتورطون ولا يملكون الكفاءة الأكاديمية والعلمية والمعرفية والقانونية، للدفاعِ عن مصالح المواطنين، يسهِّل الطريقَ لإقرار قوانين واتفاقيات تُضرُّ بمصالح الوطن والمواطنين ويؤدي هذا بدورهِ إلى إهدارِ كلِّ الإنجازات والانتصارات والتضحيات التي حققها المقاومونَ طوالَ عقود، مُقابل مصالحَ شخصية وثروات وأرصدة في البنوك، أو تنفيذًا لقرارات خارجية  خوفًا من مصادرة هذه الأموال، أو التعرض للعقاب بتهمة الإرهاب أو الفساد.

لا يقتصر إسقاط الأنظمة القوية والضعيفة على الانقلابات العسكرية والغزو، بل يحدث أيضًا عبر آليات تُسمى ديمقراطية، وذلك بانتخاب الفاشلين أو الفاسدين أو من لديهم ارتباطات خارجية وعلى سبيل المثال، سقط الإتحاد السوفيتي عبر «البيريسترويكا» التي أطلقها الأمين العام للحزب الشيوعي “ميخائيل غورباتشوف”، التي فكّكت الاتحاد السوفياتي ودمّرت الكتلة الاشتراكية وحلف وارسو، وأطاحت بأغلب حركات التحرّر والمقاومة والأحزاب الشيوعية عالميًا، دون الحاجة إلى غزو أمريكي مباشر.

نحن نخوض حربًا متعدّدة المحاور والوسائل، وأهمها حرب العقول والكفاءات والتطور التكنولوجي، والغزو عبر القرارات والاتفاقيات الدولية ولا يمكن الإنتصار بهذه الحرب وحماية المقاومة العسكرية المسلحة، بوجود الأغبياء والفاسدين، كما لا يمكن تكرار تجربة من أجهض استثمار التمثيل النيابي والوزاري ،لأهل المقاومة والمحرومين والمستضعفين بسبب فشله وفساده.

إذا أصرّت قيادات الأحزاب على ترشيح الفاسدين، فمن واجب الجمهور وأهل المقاومة الإمتناع عن انتخابهم، وتوجيه الإنذار وفرض الشروط، للمشاركة في الانتخابات،لأن انتخاب الفاسد يُعد طاعة للقرار الحزبي، ومعصية للخالق، ويجعل المُنتخِب شريكًا في فساد النائب الشخصي، ومخالفًا للحكم الإلهي: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ و تتعدّد أوجه الظلم ، لتشمل الفساد والتقصير أو التواطؤ والتخاذل عن الدفاع عن المظلومين.

لا يمكن أن تكون مطيعاً لله ورسوله مع ارتكاب المنكر، بانتخابك الفاسد خوفًا من عقاب المخلوق،مع لفت انتباهك  ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾، والصلاة التي لا تنهى عن المنكر مشكوك في صحتها. ولقد قال رسول الله (ص) «لا صلاة لمن لم تطعه صلاته، وطاعة الصلاة تكمن في نهيها عن الفحشاء والمنكر) فلا تبع صلاتك وآخرتك بإنتخاب الفاسد، فتصبح من الأخسرين أعمالًا، الذين قال عنهم رسول الله (ص) (شرُّ الناسِ مَن باعَ آخِرَتَهُ بدنيا، وشرٌّ مِن ذلك مَن باعَ آخِرَتَهُ بدنيا غَيرِهِ)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *