مرشحة تحالف السيادة هالة غازي العبيدي …

مرشحة تحالف السيادة هالة غازي العبيدي ...
تنتقد المقالة تصريحات هالة العبيدي التي وصفت الشيعة بالغرباء في بغداد، مؤكدةً أن المدينة موطنهم التاريخي، وأن الطائفية أداة انتخابية فاشلة تسيء للوطن ووحدته....

أطلقت هالة غازي العبيدي تصريحاتٍ مؤسفة ادّعت فيها أن “الغرباء سكنوا بغداد”، في إشارةٍ واضحة إلى أبناء المذهب الشيعي، وكأنّهم وافدون على المدينة لا أهلها.

لكن من يعرف بغداد وتاريخها يدرك أن مثل هذا الكلام ليس سوى زلة جهلٍ سياسي وتاريخي، ومحاولة لإحياء خطابٍ تجاوزه العراقيون منذ زمنٍ بعيد.

بغداد ليست غريبةً عن أهل البيت عليهم السلام، بل هي مدينة قامت على بركة وجودهم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، حين دُفن فيها الإمامان الكاظم والجواد عليهما السلام، فصارت الكاظمية مركزًا علميًا وروحيًا يقصده المؤمنون من أرجاء الأرض.

ومن حول تلك المراقد الطاهرة سكن أتباع أهل البيت، وتوارثوا عمارة المدينة وخدمتها جيلًا بعد جيل، قبل أن تطأ أقدام عشائر كثيرة أرض بغداد بقرونٍ طويلة.

أما عشيرة العبيدي الكريمة، فهي عشيرة عراقية محترمة ذات تاريخ طويل في مختلف مناطق البلاد.

وقد دخل قسمٌ منها بغداد في العهد العثماني، حين أرسل السلطان من كركوك نحو ٢٠٠ رجلٍ او اكثر من أبناء العبيديين لحماية مرقد  أبي حنيفة النعمان في الأعظمية قبل ٣٢٥ عام ، تحت ذريعة حماية المقام من “الإيرانية” — تلك التهمة الجاهزة التي كان العثمانيون يرفعونها ضد شيعة العراق آنذاك، ولا يزال يرددها بعض أتباعهم في العراق حتى اليوم.

استوطن أولئك الرجال المنطقة وأسّسوا نواة الأعظمية التي نعرفها اليوم، ومع مرور الزمن اندمج أبناؤهم في النسيج البغدادي حتى أصبح نصفهم من أتباع أهل البيت عليهم السلام، في دلالةٍ على وحدة الدم والهوية العراقية التي لا يغيّرها مذهبٌ ولا يفرّقها عنوان.

تصريحات هالة العبيدي لا تعبّر عن قراءة سياسية واعية، بل عن ضعفٍ في الفهم وخلطٍ متعمّد للتاريخ بالمصالح الانتخابية.

فالشيعة لم يأتوا إلى بغداد ضيوفًا ولا مهاجرين، بل كانوا فيها منذ أن كانت عاصمةً للخلافة والعلم وأرضًا لمرقدي أئمتهم.

أما من جاءها لاحقًا مع الجيوش العثمانية في القرن السابع عشر، فليس له أن يتحدث عن “الغرباء”، لأن الغربة لا تُقاس بالجغرافيا، بل بالانتماء إلى الوطن والتاريخ.

بغداد لا تحتاج إلى من يوزّع شهادات الانتماء، فهي مدينة الجميع: فيها مرقدا الإمامين الكاظم والجواد، وفيها مرقد أبي حنيفة، وهذه الثنائية تمثّل رمز وحدة العراق لا عنوان انقسامه.

ومن أراد الترشّح للبرلمان، فليطرح مشروعًا يخدم الناس لا خطابًا يفرّقهم.

فالطائفية ليست وسيلةً انتخابية، بل إفلاس فكري وأخلاقي يرفضه الشارع العراقي الذي تعب من الدم والانقسام.

لقد أساءت هالة العبيدي إلى بغداد قبل أن تُسيء إلى الشيعة، لأنها تحدثت بلسانٍ منقطعٍ عن التاريخ والواقع.

بغداد لم يسكنها الغرباء، بل سكنها الأئمة والعلماء والشهداء، وظلّت بيتًا لكل من أحبّ العراق ووقف مع قضاياه.

أما من يزرع الفتنة في موسم الانتخابات، فليعلم أن أصوات الوعي أقوى من شعارات الطائفية، وأن بغداد لا تنتخب الجهل مهما تلون بشعاراتٍ وطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *