من حضارة كوردستان مملكة سوبارتو وعاصمتها خمازي

من حضارة كوردستان مملكة سوبارتو وعاصمتها خمازي
يستعرض النصّ جذور مصطلح بلاد الرافدين وتطور معناه الجغرافي، مبرزاً دور السوباريين ومدينتهم خمازي في تأسيس الحضارة الرافدينية. كانت خمازي مركزاً سياسياً وحضارياً مهماً، وأسهمت شعوب الجبال والعليا في بناء أولى اللبنات للحضارة الإنسانية....

يعود استخدام مصطلح بلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين إلى القرن الرابع قبل الميلاد باللغة اليونانية القديمة، عندما كان هذا الاسم يستخدم للإشارة إلى الأرض الواقعة شرق الفرات في شمال سوريا. فيما بعد توسع استخدام المصطلح ليشمل بشكل عام جميع الأراضي بين نهري دجلة والفرات، وبالتالي لم يعد يشمل أجزاء من سوريا فحسب بل كامل العراق تقريبًا وأجزاء من جنوب شرق تركيا.

كثيرًا ما تضاف الأراضي الواقعة غرب الفرات والأجزاء الغربية من جبال زاغروس تحت المسمى الواسع لبلاد الرافدين وتعد أرض كوردستان كباقي أجزاء بلاد الرافدين من حيث الأهمية التاريخية حيث كانت محطة مهمة في سفر الحضارة البشرية.

السوباريون وممالكهم المبكرة

يعرف السوباريين تاريخياً بأنهم من نسل ملوك المؤسسين لمدينة أشور مثل اوشيبا و كيكيا حيث كان يطلق علىٰ مدينة أشور اسم بالتيل وهو ذات الاسم الذي تسمىٰ به بلاد سوبير حيث كانت مراكزهم المدنية المهمة والتي هي الان تسمىٰ تل طايه في شمال غرب مدينة أشور و تل ليلان علىٰ نهر الخابور في سوريا وتل خويره وهو اهم مركز السوباريين وكان متوازي من حيث الأهمية مع مدينة أشور.

تذكر لنا النصوص التي أوردت اخبار الحكام والملوك الأوائل في عصر فجر السلالات الثالث ان السوبارييون بدأ ذكرهم وخاصة في أخبار حاكم مدينة لگش أيأناتم .وكانت أرض سوبارتو قد توسعت الىٰ المناطق التي أطلق عليها لاحقاً بلاد أشور في المرحلة المقبله حيث شملت اعالي الخابور في الغرب ووسط جبال زاغروس في الجنوب الشرقي وكانت في هذه الحدود تسمىٰ سوبارتو الأصل في الالف الثالث ق.م واغلبها في شمال بلاد الرافدين أما سوبارتو الكبرىٰ فقد ذكرت اول مرة في عام 2200ق.م وكانت تضما الأراضي من منطقة زاغروس الىٰ جبال الأمانوس وهناك أخبار تفيد أنها وصفت بصيغة الجمع ممالك سوبارتو في نصوص تعود الىٰ العصر الأشوري الوسيط، والتي ضمت مناطق الجبل جنوب وضواحي بحيرة وان، وقد اندمج شعب سوبارتو مع الأشورين لاحقاً وانسحب قسم منهم الى مناطق الجبال شرق دجلة وقد تأثروا وأثروا بالآشوريون في نواحي عديدة ولا سيما في الفن والدين حيث أستمرت عبادة بعض الالهة السوبارتية عند الآشوريين ومن الجدير بالذكر ان الملك الأشوري أوشيبا وكيكيا كان من السوباريين .

خمازي: العاصمة والمحور الاستراتيجي

العاصمة خمازي- وتعد هذه المدينة من الأماكن المهمة جداً، وقد أختلف الباحثون في موقعها الرئيسي فكثير يذهب بقول انها تقع شرق سوريا، كما يرجح غيرهم انها تقع شرق نهر دجلة مابين كركوك وأربيل، وهناك رأي اخر يقول إنها خلف جبل آزمر في قرية خمزة في محافظة السليمانية، وعلىٰ الرغم من اختلاف الدلائل التي تشير الىٰ موقعها بدقة لكنها كانت تتمتع بدور كبير في تاريخ العراق في تلك الحقبة وما بعدها في التكوين الحضاري.

كانت خمازي هدفاً لحملات ممالك الجنوب للعديد من الدويلات المحيطة بها كما أنها احتلت بدورها دويلة المدينة كيش،وامتد نفوذها لجنوب بلاد الرافدين لفترة ما .وفي فترة اخرىٰ من الضعف والقوة المتناوبة وتحديداً في فترة أمار–سن، 2047-2039 ق.م، وشوسين 2038-2030ق.م، واصبحت جزء من مملكة سلالة اور الثالثة، من خلال حكومة محلية تدفع ضريبة سنوية منتظمة .

ومع انهيار مملكة اور الثالثة اندثر اسم خمازي من الاحداث السياسية. لكنها لم تفقد مركزها الاستيطاني المهم ومحاورها الاستراتيجية، وقد تغير اسم سكانها الىٰ مسميات اخرىٰ مثل ايكاللاتوم، أو، قابرا . فيما بقىٰ اسم خمازي كاسم علم مذكر ومؤنث بصيغة خمازتيوم ، خلال الألف الثاني ق.م.

يمكن القول ان هناك الكثير من التجارب البشرية والأطوار الحضارية التي تكونت بفعل الأنسان الرافديني في منطقة الجبال واعالي وادي الرافدين والتي كانت هي الأساس لصعود مجتمعات بشرية وأدوار مهمة كانت ولا تزل هي المهد الأول لعموم الحضارة الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *