زيارة وزير العدل العراقي إلى المغرب ! تنازل من طرف واحد
في الوقت الذي ينتظر فيه العراقيون خطوات إصلاح حقيقية في ملف العدالة والسجون ومكافحة الفساد، فوجئوا بخبر زيارة وزير العدل إلى المغرب وتوقيع اتفاقيات وُصفت بأنها “لتسليم المجرمين”. لكن الحقيقة أبسط وأخطر من ذلك: ما جرى هو اتفاقية لنقل المحكومين، لا أكثر ولا أقل.
الاتفاق يخدم من؟
عند الفحص يتضح أن الاتفاق يخدم عملياً طرفاً واحداً: المغرب. فالعراق يضم عدداً من السجناء المغاربة المحكومين وفق قانون مكافحة الإرهاب، بعضهم منذ أكثر من عقد، بينما المغرب لا يضم عراقيين محكومين أصلاً. معنى ذلك أن الاتفاقية تعني إعادة هؤلاء المحكونين إلى بلدهم ليستكملوا – نظرياً – تنفيذ العقوبة هناك.
توازن مفقود في الاتفاقية، أين مصلحة العراق؟
المعادلة واضحة، العراق قدّم تنازلاً عملياً، وأتاح للمغرب أن يستعيد مواطنيه المدانين بجرائم إرهابية ارتُكبت على أرضنا وضد أمننا.بالمقابل، لم يحصل العراق على مقابل ملموس، لأن الجانب المغربي لا يحتجز محكومين عراقيين.
هذه ليست “اتفاقية تبادل”، بل خطوة أحادية الاتجاه، تطرح علامات استفهام حول جدوى الزيارة ومخرجاتها.
ضمانات التنفيذ المعلقة
مخاطر وملفات مسكوت عنها
1.هل ستبقى الأحكام نافذة؟
ما الضمان أن العقوبات لن تُخفف أو تُسقط عند عودة هؤلاء السجناء إلى المغرب؟ وهل يمتلك العراق آلية رقابة فعلية بعد نقلهم؟
2.ضحايا الإرهاب في العراق
هل يحق للحكومة أن تُبرم اتفاقيات تسمح بترحيل مدانين بجرائم إرهابية، بينما دماء الضحايا العراقيين ما زالت حاضرة؟ أليس من العدالة أن يقضوا عقوبتهم كاملة حيث ارتكبوا الجريمة؟
3.التوقيت والرسائل السياسية
اختيار هذا التوقيت يوحي بأن الزيارة غطاء لتقديم هدية سياسية للرباط، بدلاً من أن تكون اتفاقية متكافئة تحفظ هيبة القضاء العراقي.
التحفيظ العقاري… عنوان بلا مضمون
جرت الإشارة خلال الزيارة إلى “التحفيظ العقاري المغربي” والرقمنة، لكن الواقع أن هذا لم يكن سوى زينة إعلامية لتلميع الزيارة. فالمغزى الحقيقي والوحيد الملموس هو ملف السجناء المغاربة. أما التحفيظ والرقمنة فتبقى مجرد عناوين إن لم تتحول إلى مشاريع فعلية ومعلنة.
زيارة وزير العدل العراقي إلى المغرب خرجت بعنوان أكبر من محتواها. فالمخرجات الحقيقية تعني:
- نقل محكومين مغاربة من السجون العراقية إلى بلدهم.
- لا يوجد محكومون عراقيون في المغرب ليستفيد العراق بالمقابل.
وبذلك، تحوّلت الزيارة من فرصة للتعاون القضائي المتكافئ إلى اتفاق أحادي الاتجاه يثير أسئلة مشروعة: من المستفيد الحقيقي؟ وأي مكسب حصل عليه العراق مقابل تسليم مدانين بقضايا إرهاب دمّروا أرواحاً عراقية؟