نجاح أمريكا الباهر في مشروعها السري ببرمجة البشر؛ النماذج الناجحة: الجولاني، الرئيس عون، والرئيس سلام

نجاح أمريكا الباهر في مشروعها السري ببرمجة البشر؛ النماذج الناجحة: الجولاني، الرئيس عون، والرئيس سلام
إسرائيل دمّرت معدات البناء بالجنوب لمنع الإعمار وفرض التهجير، فيما التزم الرؤساء اللبنانيون الصمت وكأنهم مبرمجون بالريموت الأميركي. هذا التواطؤ يحوّل الجريمة إلى واقع ويمنح الاحتلال غطاءً لاستكمال مشروع إسرائيل الكبرى....

لاحظت أن العدو الصهيوني كان يخرق السيادة اللبنانية برَا، بحرًا وجوًا وكان يركز على تدمير معدات البناء وكان يدعوها في بياناته معدات هندسية للإيحاء بأنها مَعدات عسكرية   وقد تَكثفت الإستهدافاف خلال الأسبوعين الماضيين بما فيها التسلل إلى ميس الجبل وزرعت عبوات  وفجرت َمعدات بناء. وكان ذروة الإعتداءات على بلدة أنصارية حيث تم الإعتداء على هنغار يحوي عدة جرافات حفارات ب 6   غارات.

حاولت الحصول على معلومات من غوغل  عن عدد معدات البناء المدمرة منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 لأكتب مقالًا عن منع العدو إعادة إعمار الجنوب لفرض  التهجير القسري  تمهيدًا للإستيطان.

وللأسف لم أحصل على مرادي. فسألت  GEMINI:

“كم عدد الآليات الهندسية (poclain، trucks، showel، Bobcat، crane) التي دمّرتها إسرائيل في جنوب لبنان منذ 27 نوفمبر الماضي؟”

 وكا نت المفاجأة الكبرى لي في جوابه:

“آسف، ليس لدي معلومات دقيقة… الأرقام غالبًا ما تكون غير مؤكدة.”

وبناء عليه حاورت نفسي وقلت  هذا الرد الآلي كشف الخدعة: “إذا كانت أمريكا قادرة على برمجة الذكاء الاصطناعي ليتهرّب من قول الحقيقة، فهل هي قادرة على برمجة البشر بالصمت والإنكار”؟

والمفارقة أن ChatGPT نجح مباشرة بتأمين إنفوغراف يوثّق الخسائر، ما فضح التناقض الفاضح بين ما يُحجب برمجيًا وبين ما يُكشف بحثيًا وتحليليًا.

ومن هنا جاء السؤال الأخطر: هل تُمارس واشنطن هذا النمط من البرمجة على قادة المنطقة؟ الجواب حاضر في النماذج الميدانية: الجولاني في سوريا، والرئيسين جوزاف عون ونواف سلام في لبنان؛ فقد هبطوا بالمظلات الأمريكية وأوهمتهم أمريكا  أن الرحلة مجانية وتبين لاحقًا أنها ليست كذلك، وأقل تكلفة هي سيادة الوطن .

أولًا: الجولاني.. الصمت المريب بعد تدمير سوريا

فقد سمحت أمريكا وإسرائيل بتدمير سلاح سوريا البري والبحري والجوي، واحتلال جبل الشيخ وأجزاء واسعة من القنيطرة ومنابع المياه وحتى تقسيم سوريا. طوال هذه الكارثة الكبرى، لم ينطق الجولاني بكلمة واحدة، ولم يُصدر أي بيان إلا حين تم استهداف القصر الجمهوري! هنا فقط تحرك “القائد المبرمج” لأن الأوامر الأمريكية هكذا اقتضت.

ثانيًا: لبنان.. رئيسان بالريموت كنترول

في لبنان، لم يخرج الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام عن الخط المرسوم لهما: صمتٌ مطبق أمام أكثر من 4500 اعتداء إسرائيلي منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وتكرار نتنياهو وأدرعي مزاعم وجود “أتفاق مع لبنان”.

فنتنياهو قال حرفيًا: “أريد أن اؤكد أن عملياتنا في لبنان هي وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار فنحن نواجه بالنيران أي خرق أو محاولة تسلح من قبل حزب الله” .

وكان أدرعي يردد في بياناته هذه الفقرة :”الجيش الإسرائيلي يواصل العمل على إزالة أي تهديدات لإسرائيل، وفقًا للتفاهمات مع لبنان”، مؤكدًا على التزام الجيش بالحفاظ على هذه التفاهمات ومنع إعادة تموضع حزب الله وتسليحه”.

ولم ينفِ الرئيسان عون وسلام وجود مثل هذا الإتفاق.

ولكن  عدم رد السلطة واللجنة الخماسية على إعتداءات قوات الإحتلال طيلة 281 يومََا؛ يؤكد تخلي السلطة عن واجباتها بالدفاع عن لبنان شعبًا وأرضًا كما يؤكد وجود تفاهمات “بإعطاء قوات الإحتلال الضوء الأخضر بحرية التصرف بإزالة أي تهديدات لإسرائيل (دون تحديدها) ، وفقًا للتفاهمات مع لبنان”.

وإنً إستباحة الأراضي اللبنانية بدأت مع الإعلان عن وقف إطلاق النار؛ فقد إرتكبت السلطة اللبنانية خطيئة العمر خلال مفاوضات وقف إطلاق النار بالتخلي الكلي عن التصدي للإعتداءات وكذلك فعلت اللجنة الخماسية.

ورغم استهداف هنغارات ومرافق مدنية وحتى الغارات المكثفة الأخيرة أمس على هنغار لتصليح الجرافات ( معدات بناء ء) في بلدة أنصارية؛ فقد صدر بيان إستنكار متأخر من  وزارة الخارجية ومن الرئيس سلام   وكأن بيانا الإستنكار فقط جاءأ بناءً على الريموت الأمريكي.

ثالثًا: ورقة التفاهم المذلّة

الأدهى من ذلك أن الرئيس سلام عرض ورقة تفاهم أمريكية لا ترتقي إلى مستوى مشروع قانون أو مرسوم، بل هي اتفاقية دولية تحتاج أصلًا إلى موافقة الكيان الصهيوني وسوريا! في خرق صارخ للدستور، يُحوَّل لبنان إلى مجرد تابع قانوني لإملاءات واشنطن وتل أبيب.

رابعًا: الشواهد على البرمجة الأمريكية

وصل الأسبوع الماضي وفد أميركي رفيع المستوى ومشترك التركيبة بين موفدين بارزين للإدارة الأميركية واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ وعضو في مجلس النواب في بيروت، برزت سمة لافتة أكثر إثارة للاهتمام تمثلت في ترداد الأعضاء الخمسة للوفد نبرة ولغة ومفردات موحّدة تدور كلها عند “نزع سلاح حزب الله” بلا زيادة أو نقصان.

فيدلًا من أن يأتي الوفد بخطوة مقابل تنفيذ  ح zب الله القرار 1701 صرح السيناتورالسيناتور الأميركي ليندسي غراهام من بيروت: لا تسألوني أي أسئلة عمّا ستفعله إسرائيل قبل أن تنزعوا سلاح «حزب الله». إذا تم نزع سلاح «حزب الله»، ستكون لنا محادثات جيدة، وإذا لم يتحقق ذلك فلا معنى للمحادثات.

فكانت زيارة الوفد الموسع  أشبه بـ”زيارة تفتيش” لقطع غيار بشرية، حيث عاد الوفد مطمئنًا أن الريموت يعمل بكفاءة.

صمت الرئاسة اللبنانية يُكمل تصريحات المسؤولين الأمريكيين ونتنياهو وأدرعي الذين يكررون الحديث عن “تفاهمات سرية” مع بيروت.

التغطية الإعلامية الغربية، وخاصة عبر “أكسيوس”، رسخت فكرة أن الجيش اللبناني صار شريكًا لإسرائيل في ضبط الجنوب.

خامسًا: البعد القانوني للتواطؤ

إنّ الصمت الرسمي اللبناني أمام الغارات المتكررة والاحتلال المستمر، وامتناع الرئاستين عن رفع شكاوى إلى مجلس الأمن أو حتى إصدار بيانات إدانة، يرقى قانونيًا إلى مستوى التواطؤ أو المشاركة غير المباشرة في جرائم الحرب. وفقًا للمادة (25) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الامتناع المتعمَّد عن اتخاذ موقف لحماية المدنيين يمكن أن يُعتبر مساهمة مقصودة في استمرار جرائم الإبادة والتهجير القسري. وبذلك، يصبح السكوت جريمة مضاعفة: جريمة ضد الشعب، وجريمة في القانون الدولي.

الخاتمة

بين الجولاني الذي صمت عن إبادة سوريا، والرئيسين عون وسلام اللذين صمتا عن تدمير لبنان، يتأكد أن أمريكا نجحت بامتياز في تحويل بعض القادة العرب إلى نماذج بشرية مبرمجة، تنفذ الأوامر الأمريكية بلا نقاش، وتتجاهل السيادة والشعب والوطن.

أما إسرائيل، فتمضي في تنفيذ مبدأها التلمودي: “دمّر، هجّر، إبنِ، واستوطن”، لتجد في الصمت الرسمي اللبناني والسوري أكبر غطاء لاستكمال مشروعها الاستيطاني وتنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى كما صرح نتنياهو .

وإنَّ غدًا لناظره قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *