واحدة من محلات بغداد القديمة وتعود ملكية أرضها الى الأخوين رضا وحافظ من عائلة ( الريزه لي ) وهي من العوائل التركية المعروفة والتي أستوطنت بغداد بعد هجرتها من بلدتها المعروفة بـ (الريزه ) في أواسط الاناضول ، وقد اشتريت الارض من قبلهم من ساسون اليهودي ، وكانت بستان يافعة تنتج الفواكه ، وفيها (طولة) للخيل كان يمتلكها الدكتور عبد الجبار ابن رضا الريزه لي والذي كان من المولعين بتربية الخيول ومن مؤسسي سباق المنصور (الريسز) ، وقد تقلدت هذه العائلة مناصب مهمة في العهد العثماني وامتهنت أضافة الى مناصبها الحكومية التجارة والزراعة ، وكان لرجالها ولع كبير في أنشاء البساتين وكان مقر سكناهم في محلة الحاج فتحي وسوق الصفافير في جانب الرصافة ، وبعض منهم أتخذ من الكرخ سكناً له . ويقال أن سبب تسميتها بـ (المشاهدة ) يعود لكونها كانت اهلها شاهدين على اغلب الحروب والمشاكل التي حصلت في السابق .
الجسر العتيق
وهناك رأي آخر يقول انها عرفت بـ ( المشاهدة ) لكونها كان اغلب سكانها هم شهود في المحكمة السابقة للحكم ماقبل الخمسينيات القرن الماضي وهي قريبة من محلات الكرخ القديمة وقربها من الجسر المشهور أيضاً ( جسر باب المعظم ) لهذا فقد فضلوها على السكن في اغلب مناطق بغداد فيقولون عنها أنها أرض الوفرة والخير وأخذت تعرف بعدها بـ ( المشاهدة ) ، ويقال أيضا انها سميت بهذا الاسم نسبة إلى (قصر الذهب) الذي بناه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ، وتسمى أيضا سوق المقاهي ومحلة المختارين .
تشكل منطقة المشاهدة التابعة ل(شارع حيفا) مثلث قائم الزاوية ، ارتفاعه يفصل بينها وبين محلة الشيخ علي والرحمانية وعيادات الأطباء المشهورين آنذاك امثال: الدكتور فالح المطير والدكتور توما كافي الموت وصيدلية سيد رشيد والمضمد ابو عمر ومقهى المرحوم الحاج (كامل الشعبي) ومطاعم الارصفة ، ياسر ابو المعلاك وجاسم ابو المعلاك والمرحوم هادي البايسكلجي وحجي ناجي العاني وابو طارق العطار ، وقاعدته تقع على شارع الشيخ معروف ، اما وتره فيمتد من تقاطع شارع الشهداء مع شارع حيفا شمالا وينتهي في تقاطع سينما قدري الازرملي مع شارع الشيخ معروف جنوبا ،
كان يحدها من جهة الشرق مطعم شباب الكرخ ومقهى محمد الكبنجي ، والذي تم هدمهما لتحل محلهما بناية وزارة والثقافة ومركز صدام للفنون ، وفي هذا الشارع يوجد محل حلويات كريم الشكرجي وتجنيد الكرخ ( نُقل التجنيد فيما بعد الى الصالحية) وبانزينخانة وكذلك محلات للنجارة والحدادة وتصليح الأجهزة الكهربائية .
منطقة الميدان
كانت في العهد الملكي مثلها مثل منطقة الميدان (الصابونجية) حيث كان البغاء فيها مسموحا ، ولكن تم منعه في الخمسينات ، ويقال ان البغاء كان فيها بصورة فردية عند انشاء دار المشردين قرب الشارع العام ونزوح قسم من النساء المشردات والغجر إليها . عندما كنت شابا يافعا في الستينات وادرس في ثانوية الكرخ المسائية ، كنت امر في ازقتها واشاهد بعض النساء المتقدمات في السن وهن يجلسن أمام أبواب دورهن يُدخنَّ السيكائر ويرتدين الساعات والاساور الذهبية ويضعن المساحيق على وجوههن ويتحرشن احيانا لاغراء المارة.
من المفارقات أنه كان هناك تظاهرة جماهيرية تهتف ضد حكومة رئيس الوزراء في العهد الملكي (نوري باشا السعيد ) وكان هتافها (دكتك يانوري .. جوهر الشعار ما سواها ) فعندما سمع جوهر ( كان من سكنة هذة المحلة وكان شخص بسيط ) هذا القول من المتظاهرين أخذ يركض منهزماً خائقاً معتقداً بأن التظاهرة قد خرجت ضده وأختفى عند أحد باعه الزجاج !.
أصبحت الان هذه المحلة حياً صناعياً ينتشر في داخله محلات الحدادة ومعامل النجارة ومكائن صناعة البلاستك وباعة الخشب ولوازم هذه المهن .